@ 127 @ $ مراسلة السلطان أبي الحسن لسلطان مصر وبعثه المصاحف من خطه إلى المساجد الثلاثة شرفها الله $ .
كان للسلطان أبي الحسن مذهب ورأى في ولاية ملوك المشرق والمكلف بالمعاهد الشريفة اقتداء في ذلك بعمه يوسف بن يعقوب وغيره من سلفه وضاعف ذلك لديه متين ديانته ورفيع همته ولما قضى من أمر تلمسان ما قضى واستولى على المغربين خاطب لحينه صاحب مصر والشام والحجاز الملك الناصر محمد بن قلاوون وعرفه بالفتح وارتفاع العوائق عن ركب الحاج في سابلتهم وكان سفيره في ذلك فارس بن ميمون بن وردار وعاد بجواب الكتاب وتقرير المودة بين الخلف كما كانت بين السلف فأجمع السلطان أبو الحسن حينئذ على كتب نسخة عتيقة من المصحف الكريم بخط يده ليوقفها بالحرم الشريف حرم مكة قربة إلى الله تعالى وابتغاء للمثوبة فانتسخها بيده وجمع الوراقين لتنميقها وتذهيبها والقراء لضبطها وتهذيبها وصنع لها وعاء مؤلفا من الآبنوس والعاج والصندل فائق الصنعة وغشي بصفائح الذهب ورصع بالجوهر والياقوت واتخذ له أصونة الجلد المحكمة الصنعة المرقوم أديمها بخطوط الذهب ومن فوقها غلائف الحرير والديباج وأغشية الكتان وأخرج من خزائنه أملا عينها لشراء الضياع بالمشرق لتكون وقفا على القراء فيها وأوفد على الملك الناصر خواص مجلسه وكبار أهل دولته مثل عريف بني حيى أمير بني زغبة من عرب بني هلال ومثل السابق المقدم في بساطه على كل خالصة عطية بن مهلهل بن يحيى كبير أخواله من عرب الخلط وبعث كاتبه أبا الفضل بن محمد بن أبي مدين وعريف الوزعة ببابه الشيخ أبا محمد عبد الله بن قاسم المزوار .
واحتفل في الهدية للسلطان صاحب مصر احتفالا تحدث الناس به دهرا قال ابن خلدون وقفت على برنامج الهدية بخط أبي الفضل بن أبي مدين الرسول المذكور ووعيته ثم أنسيته وذكر لي بعض قهارمة الدار أنه كان فيها خمسمائة من