@ 82 @ انتقاض ابن الأحمر واستيلاء الرئيس أبي سعيد على سبتة $ .
كان محمد بن الأحمر المعروف بالفقيه قد هلك سنة إحدى وسبعمائة وولي الأمر بعده ابنه محمد المعروف بالمخلوع واستبد عليه كاتبه أبو عبد الله محمد بن الحكيم الرندي وكان من أول ما فعله محمد المخلوع بعد استقلاله بالأمر المبادرة إلى أحكام عقد الموالاة بينه وبين السلطان يوسف فأوفد عليه وزير أبيه أبا سلطان عبد العزيز بن سلطان الداني ووزيره الكاتب أبا عبد الله بن الحكيم فوصلا إلى السلطان يوسف بمعسكره من حصار تلمسان فتلقاهما بالقبول والمبرة وجددت لهما أحكام الود والولاية وانقلبا إلى مرساهما خير منقلب وطلب السلطان منهما أن يمدوه بالرجل من عسكر الأندلس وناشبتهم المعودين منازلة الحصون والمثاغرة بالرباط فأسعفوه ثم فسد ما بينهما لمنافسات جرت إلى ذلك فانتقض ابن الأحمر وعاد لسنة سلفه من موالاة الطاغية وممالاته على المسلمين أهل المغرب وأحكم العهد مع هراندة بن سانجة من بني أذفونش ملوك قشتالة خذلهم الله .
ثم أوعز ابن الأحمر الى ابن عمه الرئيس أبي سعيد فرج بن إسماعيل صاحب مالقة في إعمال الحيلة في الغدر بأهل سبتة ففعل وداخل في ذلك بعض عمال بني العزفي بها فأمكنه من البلد فاقتحمها بأساطيله وجنده على حين غفلة من أهلها وتقبض على بني العزفي ولى حاشيتهم وأركبهم الأسطول وبعث بهم إلى مالقة ثم منها إلى غرناطة فتلقاهم ابن الأحمر واحتفل لهم وأنزلهم بقصوره وأجرى عليهم النفقة واستقروا بالأندلس برهة من الدهر ثم عادوا إلى المغرب كما نذكر وأسند الرئيس أبو سعيد بأمر سبتة وثقف أطرافها وسد ثغورها وبلغ الخبر بذلك إل السلطان يوسف فحمى أنفه وعظم عليه الأمر فبعث ولده الأمير أبا سالم إبراهيم في جيش كثيف إلى حصارها وحشد إليها قبائل الريف وقيائل تازا فلم يغن شيئا ورجع مهزوما فسخطه السلطان لذلك وأهمله وبقي على ذلك الى وفاة السلطان رحمه الله وكان انتقاض ابن الأحمر سنة ثلاث وسبعمائة