@ 30 @ يعقوب لابنه أبي مالك بولاية العهد آسفهم ذلك لأنهم كانوا يرون أنهم أحق بالأمر حسبما سلف فارتدوا على أعقابهم وقلبوا لعمهم ظهر المجن وعادت هيف إلى أديانها وأسروا من ليلتهم من سلا ولم يصبحوا إلا بجبل علودان من بلاد غمارة عش خلافهم ومدرج فتنتهم وكان ذلك في عيد الفطر من سنة تسع وستين وستمائة وانضم إليهم بنو أبي عياد بن عبد الحق وشايعوهم على رأيهم فخرج السلطان يعقوب في أثرهم وقدم بين يديه ابنه لاأمير يوسف بن يعقوب في خمسة آلاف فأحاط بهم وأخذ بمخنقهم ولحق به أخوه أبو مالك في عسكره ومعه مسعود بن كانون شيخ سفيان ثم لحق بهم السلطان يعقوب في عساكره فحاصروهم ثلاثة ولما رأوا أن قد أحيط بهم سألوا الأمان فبذله لهم وأنزلهم ومسح صدورهم واسترضاهم واستل سخائمهم ووصل بهم إلى حضرته فسألوا منه الأذن في اللحاق بتلمسان حياء مما ارتكبوه من الخلاف فأذن لهم فأجازوا البحر إلى الأندلس وخالفهم عامر بن إدريس لما آنس من ميل عمه إليه فبقي بتلمسان حتى توثق لنفسه بالعهد وعاد إلى قومه بعد منازلة السلطان يعقوب لتلمسان حسبما نذكره عن قريب .
قال ابن خلدون واحتل هؤلاء القرابة من بني عبد الحق بأرض الأندلس على حين أقفر من الحامية جوها واستأسد العدو على ثغورها وتحلبت شفاهه لالتهامها فتبوءوها أسودا ضارية وسيوفا ماضيا معودين لقاء الأبطال وقراع الحتوف والنزال مستغلظين بخشونة البداوة وصرامة العز وبساله التوحش فعظمت نكايتهم في العدو واعترضوا في صدره سجى دون الوطن الذي كان طعمة له في ظنه وارتدوه على عقبه ونشطوا من همم المسلمين المستضعفين وراء البحر وبسطوا من آمالهم لمدافعة طاغيتهم وزاحموا أمير الأندلس قي رياستها بمنكب قوي فتجافى لهم عن خطة الحرب ورياسة الغزاة من أهل العدوة من أعياصهم وغيرهم من أمم البربر وثافنوه في مستقر عزه وساهموه في الجباية بفرض العطاء والديوان فبذله لهم واستعدوا على العدو وحسن أثرهم فيه حسبما تلمع بالبعض من ذلك إن شاء الله