@ 23 @ عبد الحق فخرج من رباط الفتح وأسلمه فضبطه السلطان وثقفه ثم نهض إلى بلاد تأمسنا فاستولى عليها وملك مدينة آنفى وهي المسماة الآن بالدار البيضاء فضبطها ولحق يعقوب بن عبد الله بحصن علودان من جبال غمارة فامتنع به وسرح السلطان ابنه أبا مالك عبد الواحد وعلي بن زيان لمنازلته وسار هو إلى لقاء يغمراسن فلقيه وعقد معه المهادنة وافترقا على السلم ووضع أوزار الحرب ورجع السلطان إلى المغرب فخرج عليه بنو أخيه إدريس على ما نذكره $ خروج بني إدريس بن عبد الحق على عمهم السلطان يعقوب بن عبد الحق رحمه الله $ .
قد تقدم لنا أن الأمير عبد الحق المريني كان له تسعة من الولد أكبرهم إدريس وقتل مع والده في حرب رياح وكان لإدريس هذا عدة أولاد بقوا في كفالة أعمامهم ولما أفضى الأمر إلى السلطان يعقوب وكان أولاد إدريس قد ملكوا أمر أنفسهم واشتدت شكيمتهم فنفسوا عليه ما أتاه الله من الملك ورأوا أنهم أحق به منه لأن أباهم هو الأكبر من ولد عبد الحق كما مر فخرجوا على عمهم يعقوب ولحقوا بقصر كتامة وتابعوا ابن عمهم يعقوب بن عبد الله على رأية واجتمعوا الى كبيرهم محمد بن ادريس بن عبد الحق وانضم اليه من كان على رأيهم من عشيرتهم ومواليهم واعتصموا بجبال غمارة فنهض إليهم السلطان يعقوب وتلطف بهم حتى استنزلهم واسترضاهم وعقد لعامر بن إدريس منهم سنة ستين وستمائة على عسكر من ثلاثة آلاف فارس أو يزيدون من المتطوعة من بني مرين وأغزاهم الأندلس لجهاد العدو بها وحملهم وفرض لهم في العطاء وشفع بهذه الفعلة الحسنة عمله في واقعة سلا وهو أول جيش عبر البحر إلى الأندلس من بني مرين فكان لهم في الجهاد والمرابطة مواقف مذكورة ومقامات محمودة تبع الخلف فيها السلف ودام ذلك فيهم برهة من الدهر وقاموا عن أهل المغرب والأندلس بهذا الواجب العظيم رحمهم الله وجزاهم عن المسلمين خيرا