@ 22 @ دخلها أوائل شعبان من السنة المذكورة لاستشراف أحوال يغمراسن بن زيان فوصل إليه الخبر في اليوم الرابع من شوال المذكور فنهض السلطان يعقوب من فوره بعد أن صلى العصر بتازا من ذلك اليوم فأسرى ليلته تلك في نحو الخمسين فارسا ومن الغد صلى العصر بظاهر سلا فكان قطعه مسافة ما بينهما في يوم وليلة وهذا أمر خارق للعادة بلا شك أظهره الله على يد هذا السلطان لصدق عزمه وحسن نيته وإلا فالمسافة ما بين تازا وسلاست مراحل أو أكثر ثم تلاحقت به جيوش المسلمين من القبائل المتطوعة من جميع آفاق المغرب فحاصر النصارى بها وضيق عليهم ووالى القتال عليهم بالليل والنهار حتى اقتحمها عليهم عنوة لأربع عشرة ليلة من حصارها وأثخن فيهم بالقتل ونجا من نجا منهم إلى سفنهم فنشروا قلوعهم وذهبوا يلتفتون وراءهم ثم شرع السلطان يعقوب رحمه الله في بناء السور الغربي من سلا الذي يقابل الوادي منها فإنها كان لا سور لها من تلك الجهة من أيام عبد المؤمن بن علي فإنه كان قد هدم أسوار قواعد المغرب مثل فاس وسبتة وسلا حسبما قدمنا الخبر عنه في دولته ومن هذه التلمة كان دخول النصارى الى سلا فشرع السلطان يعقوب رحمه الله في بنائه فبناه من أول دار الصناعة قبلة إلى البحر جوفا وكان رحمه الله يقف على بنائه بنفسه ويناول الحجر بيده ابتغاء ثواب الله وتواضعا وسعيا في صلاح المسلمين حتى تم السور المذكور على أحصن وجه وأكمله .
ودار الصناعة المذكورة في هذا الخبر هي الدار التي كانت تصنع بها الأساطيل البحرية والمراكب الجهادية يجلب إليها العود من غابة المعمورة فتصنع هنالك ثم ترسل في الوادي وكان ذلك من الأمر المهم في دولة الموحدين حسبما سلف قال في الجذوة دار الصناعة بسلا بناها المعلم أبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الله بن محمد بن الحاج من أهل إشبيلية وكان من العارفين بالحيل الهندسية ومن أهل المهارة في نقل الأجرام ورفع الأثقال بصيرا باتخاذ الآلات الحربية الجافية اه .
وأما يعقوب بن عبد الله الثائر فإنه خشي بادرة السلطان يعقوب بن