@ 8 @ $ بقية أخبار الأمير عبد الحق وسيرته $ .
قالوا كان الأمير عبد الحق المريني مشهورا في قومه بالتقى والفضل والدين موسوما بالصلاح وصحة اليقين معروفا بالورع والعفاف موصوفا في سيرته بالعدل والإنصاف يطعم الطعام ويكفل الأيتام ويؤثر المساكين ويحنو على المستضعفين وكانت له بركة معروفة ودعوة مستجابة موصوفة وكانت قلنسوته وسراويله يتبرك بهما في جميع أحياء زناتة وكانوا يحملون فضلة وضوئه فيستشفون بها لمرضاهم وكان يسرد الصوم فلا يزال صائما طول عمره في الحر والبرد لا يرى مفطرا إلا في أيام الأعياد كثير الذكر والأوراد لا يفتر عنها في سائر الحالات متحريا لأكل الحلال لا يقتات إلا من لحوم إبله وألبانها أو ما يعانيه من الصيد معظما في بني مرين مطاعا فيهم يقفون عند أمره ولا يصدرون إلا عن رأيه .
حكى ابن أبي زرع عمن حدثه من الثقات أنه قدم على أمير المسلمين يعقوب بن عبد الحق في وفد من أعيان فاس وفقهائها وذلك في رمضان سنة ثلاث وثمانين وستمائة والأمير يعقوب يومئذ برباط الفتح يريد العبور إلى ألأندلس برسم الجهاد قال فجرى في مجلسه ذكر والده الأمير عبد الحق فقال الأمير يعقوب كان الأمير عبد الحق رحمه الله صادق القول إذا قال فعل وإذا عاهد وفى لم يحلف بالله قط بارا ولا حانثا ولم يشرب مسكرا قط ولا ارتكب فاحشة تضع الحوامل ببركة إزاره متى عسرت عليهن الولادة وكان يسرد الصوم ويقوم أكثر الليل وإذا سمع بخبر صالح أو عابد قصد لزيارته واستوهب منه الدعاء شديد الخوف من الصالحين متواضعا لهم وكان مع ذلك سما لأعدائه قاهرا لهم وما وجدنا إلا بركته وبركة من دعا له من الصالحين .
قالوا وكان الأمير عبد الحق في ابتداء أمره قليل الأولاد فرأى ذات ليلة في منامه كان شعلا أربعا من نار خرجن منه فعلون في جو المغرب ثم احتوين على جميع أقطاره فكان تأويلها تمليك بنيه الأربعة من بعده وهذا