@ 102 @ صلح الأمر فرجع القعقاع إلى علي فأعجبه وأشرف القوم على الصلح وعلم بذلك جماعة ممن كان سعى في قتل عثمان أو رضي به فقالوا إن يصطلح هؤلاء فعلى دمائنا يصطلحون ثم تعاقدوا على أنهم إذا التقوا بجيش عائشة وطلحة والزبير أنشبوا القتال حتى يشتغل الناس عما عزموا عليه من الصلح فكان كذلك فإنه لما كانت صبيحة الليلة التي اجتمع فيها علي بطلحة والزبير علس أولئك المتعاهدون على إنشاب الحرب وما يشعر بهم أحد وصمدت منهم مضرإلى مضر وربيعة إلى ربيعة واليمن إلى اليمن فوضعوا فيهم السلاح على حين غفلة فثار الناس وتسابقوا إلى خيولهم وزحف البعض إلى البعض واشتبكت الحرب فكانت الوقعة العظمى المعروفة بوقعة الجمل يوم الخميس لعشر بقين من الشهر المذكور أعني جمادى الأخيرة سنة ست وثلاثين وقتل طلحة في المعركة والزبير وهو راجع إلى المدينة وعقر الجمل الذي كانت عليه عائشة وأمر علي رضي الله عنه بنقل هودجها إلى دار عبد الله بن خلف الخزاعي ونادى منادي علي يوم الجمل وكذا يوم صفين الآتي أن لا تتبعوا مدبرا ولا تجهزوا على جريح ولا تدخلوا الدور ثم صلى على القتلى من الجانبين وأمر بالأطراف فدفنت في قبر عظيم وجمع ما كان في العسكر من الأثاث وبعث به إلى مسجد البصرة وقال من عرف شيئا فليأخذه إلا سلاحا عليه ميسم السلطان وأحصى القتلى من الجانبين فكانوا عشرة آلاف منهم من ضبة ألف رجل وبلغ عليا أن بعض الغوغاء عرض لعائشة رضي الله عنها بالقول السىء فأحضر البعض منهم وأوجعهم ضربا ثم جهزها إلى المدينة بما احتاجت إليه وبعث معها أخاها محمد بن أبي بكر في أربعين امرأة من نساء البصرة اختارهن لمرافقتها وجاء يوم ارتحالها فودعها واستعتب لها واستعتبت له ومشى معها أميالا وشيعها بنوه مسافة يوم وذلك غرة رجب فذهبت إلى مكة وأقامت بها حتى حجت تلك السنة ثم رجعت إلى المدينة واستعمل علي رضي الله عنه على البصرة عبد الله بن عباس وسار إلى الكوفة فنزل بها وانتظم له الأمر بالعراق ومصر