@ 243 @ وانكفأ الرشيد راجعا إلى حضرته واستأمن له كثير من الموحدين الذين كانوا مع يحيى فأمنهم ولحقوا بحضرته وكان كبيرهم أبو عثمان سعيد بن زكريا القدميوي وجاء الباقون على أثره بعد أن شرطوا عليه إعادة ما كان أزاله المأمون من رسوم المهدي وسننه فأعيدت واطمأنوا لإعادة رسوم الدعوة المهدية واستقامت الأحوال في هذه الأيام إلى أن كان ما نذكره $ فتنة الخلط مع الرشيد واستيلاؤهم على حضرة مراكش $ .
كان مسعود بن حميدان كبير الخلط قد أغراه عمر بن أوقاريط بالخلاف لصحبة بينهما وكان مدلا ببأسه وكثرة جموعه يقال إن الخلط كانوا يومئذ يناهزون اثني عشرة ألف فارس سوى الرجل والأتباع والحشود فمرض مسعود في الطاعة وتثاقل عن الوفادة إلى الحضرة .
ولما علم بعقد الموحدين واجتماع كلمتهم على الرشيد غاظه ذلك وأخذ في السعي للفرقة والشتات بينهم فأعمل الرشيد الحيلة في استدعائه وصرف عساكره إلى بعض الجهات حتى خلا لمسعود الجو وذهب عنه الريب واستقدمه الرشيد فأسرع اللحاق بالحضرة وقدم معه معاوية عم عمر بن أوقاريط فقبض على معاوية وقتل لحينه واستدعى الرشيد ابن حميدان إلى المجلس الخلافي للحديث فتقبض عليه وعلى خمسة وعشرين من أصحابه من كبار الخلط وقتلوا ساعتئذ بعد جولة وهيعة وقضى الرشيد حاجة في نفسه منهم .
ولما بلغ خبر مقتلهم إلى قومهم قدموا عليهم يحيى بن هلال بن حميدان وأجلبوا على سائر النواحي وأعلنوا بدعوة يحيى بن الناصر واستقدموه من مكانه بقاصية الصحراء وداخلهم في ذلك عمر بن أوقاريط وزحفوا لحصار مراكش وخرجت العساكر لقتالهم ومعهم عبد الصمد بن يلولان فدافع ابن أوقاريط بجموعه في تلك العساكر فانهزموا وأحيط بجند النصارى فقتلوا وتفاقم الأمر بالحضرة وعدمت الأقوات واعتزم الرشيد