@ 216 @ لصاحبه وحسن عهده معه واستشهد الحاج الكافي هذا في وقعة العقاب الآتية .
وكان فتح المهدية في السابع والعشرين من جمادى الأولى سنة اثنتين وستمائة وولى الناصر عليها محمد بن يغمور الهرغي وارتحل عنها في عشرين من جمادى الثانية فدخل تونس غرة رجب وأقام بها بقية السنة وأكثر الذي بعدها .
ولما كان رمضان من سنة ثلاث وستمائة أشاع الناصر الحركة إلى المغرب واستخلف على إفريقية ثقته ووزيره الشيخ أبا محمد عبد الواحد ابن الشيخ أبي حفص الهنتاني جد الملوك الحفصيين بعد مراجعة وامتناع .
قال ابن خلدون امتنع الشيخ أبو محمد إلى أن بعث إليه الناصر في ذلك بابنه يوسف فأكبر مجيئه وأذعن ويقال إن الناصر قال له يا أبا محمد أنت تعلم ما تجشمناه من المشاق والصوائر في استنقاذ هذا القطر ولا آمن عليه من عدو متوثب ولا يقوم بحمايته إلا أنا أو أنت فامض إلى حفظ ممالكنا المغربية وأقيم أنا أو قم أنت وارجع أنا فقنعه الحياء حينئذ وأذعن للإقامة واشترط شروطه المعروفة وهي أن يقيم ثلاث سنين ريثما تترتب الأحوال ثم يعود إلى وطنه وأن يحكمه الناصر فيمن يحبسه معه من الجند ويرضاه من أهل الكفاية وأن لا يتعقب أمره في ولاية ولا عزل فقبل الناصر شروطه .
ولما عزم الناصر على النهوض إلى المغرب خرج إليه أهل تونس رافعي أصواتهم بين يديه إشفاقا من عود ابن غانية إليهم فاستدعى وجوههم وكلمهم بنفسه وقال إنا قد اخترنا لكم من يقوم مقامنا فيكم وآثرناكم به على شدة حاجتنا إليه وهو فلان فيباشر الناس بولايته وشيع الناصر إلى باجة ورجع واليا على جميع بلاد إفريقية واستقل بأمرها ونهيها .
فمن هنا ورثت الملوك الحفصيون سلطنة تونس وإفريقية وقفل الناصر