@ 162 @ المسلمين من العرب إلى أرض المغرب في جملة ما زحف إليه من أقطار الأرض لكن العرب الداخلون إلى أرض المغرب في ذلك العصر إنما كانوا يدخلون إليه غزاة مجاهدين على ظهور خيولهم فيقضون الوطر من فتح الأقطار والأمصار ثم ينقلب جمهورهم إلى وطنهم ومقرهم من جزيرة العرب وإن بقي القليل منهم به فإنما كانوا يستوطنون منه الأمصار دون البادية ويسكنون القصور دون الخيام فلم تكن العرب تسكن المغرب يومئذ بقبائلهم وخيامهم ولا استوطنوه بأحيائهم وحللهم كما هو شأنهم اليوم لأن الملك الذي حصل لهم والغلب الذي مكنهم الله منه كان يمنعهم من سكنى البادية ويعدل بهم إلى الحضارة ولا بد فكانت الخيمة بأرض المغرب معدومة رأسا أو قليلة جدا لبعض البربر ممن كان يتخذها منهم وهم قليل وإنما كان يسكن الجمهور منهم بالمداشر وكهوف الجبال واستمر الحال على ذلك إلى أواسط المائة الخامسة فدخلت العرب أرض إفريقية واستوطنها بحللهم وخيامهم .
ثم لما كانت أواخر المائة السادسة في دولة يعقوب المنصور رحمه الله نقل الكثير منهم إلى المغرب الأقصى فاستوطنوه بحللهم وخيامهم كذلك وصارت أرض المغرب منقسمة بين أمتين أمة العرب أهل اللسان العربي وأمة البربر أهل اللسان البربري بعد أن كانت بلاده خاصة بالبربر لا يشاركهم فيها غيرهم كما قلنا .
واعلم أن أمة العرب تنقسم أولا إلى قسمين عدنان وقحطان ثم ينقسم كل من عدنان وقحطان إلى شعبين عظيمين فأما عدنان وهم الإسماعيلية ذرية إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام فينقسمون إلى ربيعة ومضر و أما قحطان وهم اليمانية ذرية قحطان بن عابر بن شالح بن أرفخشد بن سام بن نوح عليه السلام فينقسمون إلى حمير وكهلان هذا هو المعروف المشهور من نسب الفريقين وقد يذكر النسابون لكل منهما شعوبا