@ 155 @ الحصار والقتال وبذل المجهود إلى ليلة الثاني والعشرين من ربيع المذكور فانتقل من موضع نزوله بجوفي شنترين إلى غربها فأنكر المسلمون ذلك ولم يعلموا له سببا فلما جن الليل وصلى العشاء الآخرة بعث إلى ولده السيد أبي إسحاق صاحب إشبيلية فأمره بالرحيل من غد تلك الليلة لغزو أشبونة وشن الغارات على أنحائها وأن يسير إليها في جيوش الأندلس خاصة وأن يكون رحيله نهارا فأساء الفهم وظن أنه أمره بالرحيل ليلا وصرخ الشيطان في محلة المسلمين أن أمير المؤمنين قد عزم على الرحيل في هذه الليلة وتحدث الناس بذلك وتأهبوا له ورحلت طائفة منهم بالليل ولما كان قرب الفجر أقلع السيد أبو اسحاق وأقلع من كان مواليا له وتتابع الناس بالرحيل وتسابقوا لاختيار المنازل وأمير المؤمنين مقيم في مكانه لا علم له بذلك فلما أصبح وصلى الصبح وأضاء النهار لم يجد حوله من أهل المحلات أحدا إلا يسيرا من خاصته وحشمه الذين يرحلون لرحيله وينزلون لنزوله وإلا قواد الأندلس فإنهم الذين كانوا يسيرون أمام ساقته وخلف محلته من أجل من يتخلف عنها من الضعفاء فلما طلعت الشمس وتطلع النصارى المحصورون على المحلة من سور البلد ورأوا أمير المؤمنين منفردا في عبيده وحشمه وتحققوا ذلك من جواسيسهم فتحوا البلد وخرج جميع من فيه خرجة منكرة وهم ينادون الري الري أي أقصدوا السلطان فضربوا في محلة العبيد إلى أن وصلوا إلى أخبية أمير المؤمنين فمزقوها واقتحموها فبرز إليهم وقاتلهم بسيفه حتى قتل ستة منهم ثم طعنوه طعنة نافذة وقتل عليه ثلاث من جواريه كن قد أكببن عليه ولما طعن وقع بالأرض وتصايح العبيد ونادوا بالفرسان والأجناد فتراجع المسلمون وقاتلوا النصارى حتى أزاحوهم عن الأخبية واشتد القتال بينهم وتواقفوا ساعة ثم انهزم الفرنج وركبهم المسلمون بالسيف حتى أدخلوهم المدينة وقتل منهم خلق كثير يزيدون على العشرة آلاف واستشهد من المسلمين جماعة وركب أمير المؤمنين يوسف