@ 136 @ ويخزن في مواضعه وأن يحفروا الآبار في الطرق ففعلوا جميع ما أمرهم به وجمعوا غلات الحب ثلاث سنين ونقلوها إلى المنازل التي على الطريق وطينوا عليها فصارت كأنها تلال .
فلما كان صفر من سنة أربع وخمسين وخمسمائة سار عبد المؤمن من مراكش يؤم بلاد إفريقية .
وقال ابن خلدون كان عبد المؤمن في هذه السفرة قد عزم على العبور إلى الأندلس لما بلغه من اضطراب أحوالها واستطالة الطاغية بها فنهض يريد الجهاد واحتل بسلا فبلغه انتقاض إفريقية وأهمه شأن النصارى بالمهدية فلما توافرت العساكر بسلا استخلف الشيخ أبا حفص الهنتاتي على المغرب وعقد ليوسف بن سليمان على مدينة فاس ونهض يغد السير إلى إفريقية واجتمع عليه من العساكر مائة ألف مقاتل ومن الأتباع والسوقة أمثالهم وكان هذا الجند يمتد أميالا .
وبلغ من حفظه وضبطه أنهم كانوا يمشون بين الزروع فلا تتأذى بهم سنبلة وإذا نزلوا صلوا بإمام واحد بتكبيرة واحدة لا يتخلف منهم أحد كائنا من كان .
وقدم بين يديه الحسن بن علي الصنهاجي صاحب المهدية وكان قد اتصل به كما قلنا فلم يزل يسير إلى أن وصل إلى مدينة تونس في الرابع والعشرين من جمادى الآخرة من السنة وبها صاحبها أحمد بن خراسان وأقبل أسطوله في البحر في سبعين شينا وطريدة وشلندا .
فلما نازلها راسل أهلها يدعوهم إلى الطاعة فامتنعوا فقاتلهم من الغد أشد قتال ولما جن الليل نزل سبعة عشر رجلا من أعيان أهلها إلى عبد المؤمن يسألونه الأمان لأهل بلدهم فأجابهم عبد المؤمن بأن لهم الأمان في أنفسهم وأهليهم وأموالهم لمبادرتهم إلى الطاعة وأما من عداهم من سائر أهل البلد فيؤمنهم في أنفسهم وأهليهم ويقاسمهم على أموالهم وأملاكهم نصفين وأن يخرج صاحب البلد هو وأهله فاستقر الأمر على