@ 135 @ $ غزو إفريقية ثانيا وفتح المهدية وغيرها من الثغور $ .
كانت بلاد إفريقية بيد بني زيري بن مناد الصنهاجيين من لدن الدولة العبيدية بها وفي هذا التاريخ كانت دولتهم قد أشرفت على الهرم وكثر التنازع بينهم وزاحمتهم الثوار من العرب وغيرهم بتلك الأقطار فانتهز الفرنج أصحاب صقلية الفرصة فيهم وملكوا منهم عدة ثغور مثل صفاقس وسوسة وغيرهما ثم ملكوا بعد ذلك المهدية وهي يومئذ دار ملك الحسن بن علي الصنهاجي آخر ملوك بني زيري بن مناد ففر الحسن عنها إلى ابن عمه يحيى بن العزيز صاحب بجاية فأنزله بالجزائر .
ولما طرق عبد المؤمن ثغر الجزائر في غزوته الأولى إلى إفريقية خرج إليه الحسن بن علي هذا وصحبه وصار في جملته فكان الحسن يغريه بغزو إفريقية واستنقاذها من يد العدو .
وكان عبد المؤمن يحب ذلك ويرغب فيه إلا أنه كان ينتظر إبان الفرصة فاتفق أن فرنج صقلية أوقعوا بأهل زويلة وهي مدينة بينها وبين المهدية نحو ميدان وقعة شنيعة حتى أنهم قتلوا النساء والأطفال ففر جماعة منهم إلى عبد المؤمن بن علي وهو بمراكش يستغيثونه ويستنصرونه على العدو .
فلما وصلوا إليه أكرمهم وأخبروه بما جرى على المسلمين وأنه ليس في ملوك الإسلام من يقصد سواه ولا يكشف هذا الكرب غيره فدمعت عيناه وأطرق ثم رفع رأسه وقال أبشروا لأنصرنكم ولو بعد حين وأمر بإنزالهم وأطلق لهم ألفي دينار .
ثم أمر بعمل الروايا والقرب وما يحتاج إليه العسكر في السفر وكتب إلى جميع نوابه في المغرب وكان قد ملك العدوتين الأندلس والمغرب واتسعت خطة مملكته إلى قرب مدينة تونس فكتب إلى من بطريقه من النواب يأمرهم بحفظ جميع ما يتحصل من الغلات وأن يترك الزرع في سنبله