@ 112 @ .
وتقدمت بشارتنا به جملة حين لم تعط الحال بشرحه مهلة كان أولئك الضالون قد بطروا عدوانا وظلما واقتطعوا الكفر معنى واسما وأملى الله تعالى لهم ليزدادوا إثما وكان مقدمهم الشقي قد استمال النفوس بخزعبلاته واستهوى القلوب بمهولاته ونصب له الشيطان من حبلاته فأتته المخاطبات من بعد وكثب وانسلت إليه الرسل من كل حدب واعتقدته الخواطر أعجب عجب وكان الذي قادهم إلى ذلك وأوردهم تلك المهالك وصول من كان بتلك السواحل ممن ارتسم برسم الإنقطاع عن الناس فيما سلف من الأعوام واشتغل على زعمه بالقيام والصيام آناء الليالي والأيام لبسوا الناموس أثوابا وتدرعوا الرياء جلبابا فلم يفتح الله تعالى لهم للتوفيق بابا .
ومنها في ذكر صاحبهم الماسي المدعي للهداية فصرع بحمد الله تعالى لحينه وبادرت إليه بوادر منونه وأتته وافدات الخطايا عن يساره ويمينه وقد كان يدعى أنه بشر بأن المنية في هذه الأعوام لا تصيبه والنوائب لا تنوبه ويقول في سواه قولا كثيرا ويختلق على الله تعالى إفكا وزورا فلما رأوا هيئة اضطجاعه وما خطته الأسنة في أعضائه وأضلاعه ونفذ فيه من أمر الله تعالى ما لم يقدروا على استرجاعه هزم من كان لهم من الأحزاب وتساقطوا على وجوهم تساقط الذباب وأعطوا على بكرة أبيهم صفحات الرقاب ولم تقطر كلومهم إلا على الأعقاب فامتلأت تلك الجهات بأجسامهم وآذنت الآجال بانقراض آمادهم وأخذهم الله تعالى بكفرهم وفسادهم فلم يعاين منهم إلا من خر صريعا وسقى الأرض نجيعا ولقي من أمر الهنديات فظيعا ودعت الضرورة باقيهم إلى الترامي في الوادي فمن كان يؤمل الفرار ويرتجيه ويسبح طامعا في الخروج إلى ما ينجيه اختطفته الأسنة اختطافا وأذاقته موتا ذعافا ومن لج في الترامي على لججه ورام البقاء في ثبجه قضى عليه شرقه وألوى بذقنه غرقه ودخل