@ 90 @ .
وقال ابن الخطيب في رقم الحلل كانت وقعة البحيرة بأحواز مراكش قد استأصلت معظم أصحاب المهدي وكادت تأتي عليهم ومع ذلك فلم تضع منه ولا وهنت صبره وكان يقول مثل هذا الأمر كالفجر يتقدمه الفجر الكاذب وبعده ينبلج الصبح ويستعلي الضوء ويأمرهم باتخاذ مرابط الخيل التي ينالون من فيء عدوهم بعدها وإنه يعطي الرجل على قدر ما أعد من الرباط إلى غير ذلك .
فهذا خبر المهدي مختصرا من ابن خلدون ممزوجا بما نقله ابن خلكان من ذلك وقد ساق ابن أبي زرع في القرطاس خبر المهدي هذا وفيه بعض مخالفة لما تقدم فلنأت به وإن أدى إلى بعض التكرار زيادة في الإمتاع وتحلية للأسماع فنقول .
قال ابن أبي زرع ما ملخصه إن المهدي رحل إلى المشرق في طلب العلم ولقي مشايخ وسمع منهم وأخذ عنهم علما كثيرا وحفظ جملة من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ونبغ في علم الأصول والاعتقادات .
وكان في جملة من لقي من العلماء الشيخ أحمد الغزالي رضي الله عنه لازمه ثلاث سنين وكان الشيخ أبو حامد كثيرا ما يشير إلى المهدي ويقول إنه لا بد أن يكون له شأن ونمى الخبر بذلك إلى المهدي فلم يزل يتقرب إلى الشيخ بأنواع الخدمة حتى أطلعه على ما عنده من العلم في ذلك فلما تحققت عنده الحال استخار الله وعزم على الترحال فخرج قاصدا بلاد المغرب غرة ربيع الأول سنة عشر وخمسمائة ولازم في طريقه درس العلم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى أن اجتمع به عبد المؤمن بن علي فبايعه على مؤازرته في الشدة والرخاء والعسر واليسر ثم قدم بلاد المغرب واستقر بمراكش وكانت له فصاحة وعليه مهابة فأخذ يطعن على المرابطين وينسبهم إلى الكفر والتجسيم ويشيع عند من يثق به ويسكن إليه أنه المهدي المنتظر الذي يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا وجرى منه