@ 62 @ مراكش حتى إذا دنا من فاس خاف يحيى بن أبي بكر على نفسه وعلم أنه لا طاقة له بحرب عمه فأسلم فاسا لعمه وخرج منها خائفا يترقب فدخلها علي بن يوسف يوم الأربعاء الثامن من ربيع الآخر سنة خمسمائة واستقام له الأمر .
وقيل إن علي بن يوسف لما دنا من فاس نزل بمدينة مغيلة من أحوازها ثم كتب إلى ابن أخيه يعاتبه على ما ارتكبه من الخلاف ويدعوه إلى الدخول في الطاعة كما دخل الناس وكتب كتابا آخر إلى أشياخ البلد يدعوهم فيه إلى بيعته ويتوعدهم فلما وصل الكتاب إلى يحيى وقرأه جمع أهل البلد واستشارهم في المقاتلة والحصار فلم يوافقوه فلما يئس منهم خرج فارا إلى مزدلي بن تيلكان وكان عاملا على تلمسان فلقيه مزدلي بوادي ملوية مقبلا برسم البيعة لعلي بن يوسف فأعلمه يحيى بما كان من شأنه فضمن له مزدلي عن عمه العفو والصفح فرجع معه حتى إذا وصلا إلى فاس دخل مزدلي على أمير المسلمين علي بن يوسف ونزل يحيى مستخفيا بحومة وادي شردوع .
ولما اجتمع مزدلي بأمير المسلمين وسلم عليه ورأى منه إكراما وقبولا أعلمه بخبر يحيى وما ضمن له من العفو فأجابه إلى ذلك وعفا عنه وأمنه ثم جاء يحيى فبايعه وخيره أمير المسلمين بين أن يسكن بجزيرة ميروقة بشرق الأندلس أو ينصرف إلى بلاد الصحراء فاختار الصحراء فانصرف إليها ثم سافر منها إلى الحجاز فحج البيت ورجع إلى عمه فاستأذنه أن يكون في جملته ويكون سكناه معه بحضرة مراكش فأذن له في ذلك فسكنها مدة ثم اتهمه عمه بالتشغيب عليه فثقفه وبعث به إلى الجزيرة الخضراء فاستمر بها إلى أن مات