@ 54 @ أمير المسلمين فامتنع ابن عباد فعند ذلك تقدم سير إلى حصاره وقتاله وبعث بعض قواده إلى قرطبة ليحاصرها وبها يومئذ المأمون بن المعتمد ابن عباد فنازلها في عساكر المرابطين حتى فتحها يوم الأربعاء ثالث صفر سنة أربع وثمانين وأربعمائة وقتل صاحبها المأمون بن المعتمد ثم فتح بياسة وأبدة وحصن البلاط والمدور والصخيرة وشقورة ولم ينقض شهر صفر المذكور حتى لم يبق لابن عباد بلد إلا وقد ملكه المرابطون ما عدا قرمونة وإشبيلية ثم ارتحل سير بن أبي بكر إلى قرمونة فنازلها حتى دخلها عنوة زوال يوم السبت السابع عشر من ربيع الأول من السنة المذكورة فاشتد الأمر على ابن عباد وطال عليه الحصار فبعث إلى الأذفونش لعنه الله يستغيث به على لمتونة ويعده بإعطاء البلاد ويذل الطارف والتلاد إنه هو كشف عنه ما هو فيه من الحصار فبعث إليه الأذفونش قائده القومس في جيش من عشرين ألف فارس وأربعين ألف راجل .
فلما علم سير بقدوم الفرنج إليه انتخب من جيشه عشرة آلاف فارس من أهل الشجاعة والنجدة وقدم عليهم إبراهيم بن إسحاق اللمتوني وبعثه للقاء الفرنج فالتقى الجمعان بالقرب من حصن المدور فكانت بينهم حروب شديدة مات فيها خلق كثير من المرابطين ومنحهم الله النصر فهزموا الفرنج وقتلوهم حتى لم يفلت منهم إلا القليل .
ثم شد سير بن أبي بكر في الحصار والتضييق على إشبيلية حتى اقتحمها عنوة وقبض على المعتمد وجماعة من أهل بيته فقيدهم وحملهم في السفين بنهر إشبيلية وبعث بهم إلى أمير المسلمين بمراكش فأمر أمير المسلمين بإرسال المعتمد إلى مدينة أغمات فسجن بها واستمر في السجن إلى أن مات به لإحدى عشرة ليلة خلت من شوال سنة ثمان وثمانين وأربعمائة .
وكان دخول سير بن أبي بكر مدينة إشبيلية يوم الأحد الثاني والعشرين من رجب سنة أربع وثمانين وأربعمائة