@ 53 @ وخرب عمرانها وقتل وسبى ولم يأته من ملوك الأندلس أحد ولا عرج عليه منهم معرج فغاظه ذلك .
ولما قفل من غزو طليطلة عمد إلى غرناطة فنازلها وكان صاحبها عبد الله بن بلكين بن باديس بن حبوس قد صالح الأذفونش وظاهره على أمير المسلمين وبعث إليه بمال واشتغل بتحصين بلده وفي ذلك يقول بعض شعراء عصره .
( يبني على نفسه سفاها % كأنه دودة الحرير ) .
( دعوه يبني فسوف يدري % إذا أتت قدرة القدير ) .
ولما انتهى أمير المسلمين إلى غرناطة تحصن منه صاحبها عبد الله بن بلكين وأغلق أبوابها دونه فحاصره أمير المسلمين نحو شهرين ولما اشتد عليه الحصار أرسل يطلب الأمان فأمنه أمير المسلمين وتسلم منه البلاد فملكها وبعث بعبد الله وأخيه تميم بن بلكين صاحب مالقة إلى مراكش مع حريمهما وأولادهما فأقاما بها وأجرى عليهما الإنفاق إلى أن ماتا بها .
ولما خلع أمير المسلمين بني باديس وملك غرناطة ومالقة وما أضيف إليهما خاف منه المعتمد ابن عباد وانقبض عنه ويقال إن ابن عباد طمع في غرناطة وأن أمير المسلمين يعطيه إياها فعرض له بذلك فأعرض عنه أمير المسلمين فخاف ابن عباد منه وعمل على الخروج عليه ثم سعى بينهما الوشاة فتغير عليه أمير المسلمين وعبر إلى العدوة في رمضان سنة ثلاث وثمانين المذكورة .
ولما انتهى إلى مراكش ولى على الأندلس قائده سير بن أبي بكر اللمتوني وفوض إليه جميع أمورها كلها ولم يأمره في ابن عباد بشيء فسار سير بن أبي بكر نحو إشبيلية وهو يظن أن ابن عباد إذا سمع به يخرج إليه ويتلقاه على بعد ويحمل إليه الضيافات على العادة فلم يفعل وتحصن منه ولم يتلفت إليه فراسله سير بن أبي بكر أن يسلم إليه البلاد ويدخل في طاعة