@ 36 @ طاعته فكتب عنهم كاتب من أهل الأندلس يقول .
أما بعد فإنك إن أعرضت عنا نسبت إلى كرم ولم تنسب إلى عجز وإن أجبنا داعيك نسبنا إلى عقل ولم تنسب إلى وهن وقد اخترنا لأنفسنا أجمل نسبتينا فاختر لنفسك أكرم نسبتيك فإنك بالمحل الذي لا يجوز أن نسبق فيه إلى مكرمة وإن في أستبقائك ذوي البيوت ما شئت من دوام لأمرك وثبوت والسلام فوصله الكتاب مع تحف وهدايا وكان يوسف لا يعرف اللسان العربي لكنه كان ذكي الطبع يجيد فهم المقاصد وكان له كاتب يعرف اللغتين العربية والمرابطية فقال له أيها الملك هذا الكتاب من ملوك الأندلس يعظمونك فيه ويعرفونك أنهم أهل دعوتك وتحت طاعتك ويلتمسون منك أن لا تجعلهم في منزلة الأعادي فإنهم مسلمون وهم من ذوي البيوتات فلا تغير بهم وكف بهم من ورائهم من الأعداء الكفار وبلدهم ضيق لا يحتمل العساكر فأعرض عنهم إعراضك عمن أطاعك من أهل المغرب فقال يوسف بن تاشفين لكاتبه فما ترى أنت فقال أيها الملك أعلم أن تاج الملك وبهجته وشاهده الذي لا يرد بأنه خليق بما حصل في يده من الملك أن يعفو إذا استعفى وأن يهب إذا استوهب وكلما وهب جزيلا كان أعظم لقدره فإذا عظم قدره تأصل ملكه وإذا تأصل ملكة تشرف الناس بطاعته وإذا كانت طاعته شرفا جاءه الناس ولم يتجشم المشقة إليهم وكان وارث الملك من غير إهلاك لآخرته واعلم أن بعض الملوك الأكابر والحكماء البصراء بطريق تحصيل الملك قال من جاد ساد ومن ساد قاد ومن قاد ملك البلاد فلما ألقى الكاتب هذا الكلام على السلطان يوسف فهمه وعلم صحته فقال للكاتب أجب القوم واكتب بما يجب في ذلك واقرأ علي كتابك فكتب الكاتب بسم الله الرحمن الرحيم من يوسف بن تاشفين سلام عليكم ورحمة الله وبركاته تحية من سالمكم وسلم إليكم وحكمه التأييد والنصر فيمن حكم عليكم وإنكم مما بأيديكم من الملك في أوسع إباحة مخصوصون منا بأكرم إيثار وسماحة فاستديموا وفاءنا بوفائكم واستصلحوا آخاءنا بإصلاح آخائكم والله ولي التوفيق لنا لكم