@ 35 @ .
واتصل الخبر بالأذفونش وهو محاصر لسرقسطة فارتحل عنها وقصد نحو أمير المسلمين وبعث إلى ابن ردمير والبرهانس وغيرهما من كبار النصرانية واستنفر أهل قشتالة وجليقية وسائر المجاورين له من أمم النصرانية فاجتمع له منهم ما يفوت الحصر وصمد إلى ابن تاشفين والمسلمين هكذا وقع مساق هذه الغزوة عند ابن خلدون وابن أبي زرع وغيرهما .
وساقها ابن الأثير وابن خلكان وابن عبد المنعم الحميري مساقا غير هذا ولنذكر بعض ما نقلوه من ذلك فنقول لما ملك يوسف بن تاشفين المغرب وبنى مراكش وتلمسان الجديدة وأطاعته البربر مع شكيمتها الشديدة وتمهدت له الأقطار العريضة المديدة تاقت نفسه إلى العبور لجزيرة الأندلس فهم بذلك وأخذ في إنشاء السفن والمراكب ليعبر فيها فلما علم بذلك ملوك الأندلس كرهوا إلمامه بجزيرتهم وأعدوا له العدة والعدد إلا أنهم استهولوا جمعه واستصعبوا مدافعته وكرهوا أن يصبحوا بين عدوين الفرنج عن شمالهم والملثمين عن جنوبهم وكانت الفرنج قد اشتدت وطأتها عليهم فتغير وتنهب وربما يقع بينهم صلح على شيء معلوم كل سنة يأخذونه من المسلمين والفرنج مع ذلك ترهب جانب ملك المغرب يوسف بن تاشفين إذ كان له اسم كبير وصيت عظيم لنفاذ أمره ونقله دولة زناتة وملك المغرب إليه في أسرع وقت مع ما ظهر لأبطال الملثمين ومشايخ صنهاجة في المعارك من ضربات السيوف التي تقد الفارس والطعنات التي تنظم الكلى فكان لهم بذلك ناموس ورعب في قلوب المنتدبين لقتالهم .
وكان ملوك الأندلس يفيئون إلى ظلم يوسف ويحذرونه خوفا على ملكهم مهما عبر إليهم وعاين بلادهم فلما رأوا عزيمته متوفرة على العبور راسل بعضهم بعضا يستنجدون آراءهم في أمره وكان فزعهم في ذلك إلى المعتمد ابن عباد لأنه أشجع القوم وأكبرهم مملكة فوقع اتفاقهم على مكاتبته وقد تحققوا أنه يقصدهم يسألونه الإعراض عنهم وأنهم تحت