@ 29 @ وخلف جيشا من المرابطين لحصارها فأقاموا عليها تسع سنين ثم دخلوها صلحا سنة خمس وستين وأربعمائة .
ولما رحل يوسف عن قلعة فازاز وذلك سنة ست وخمسين سار إلى بني مراسن وأميرهم يومئذ يعلى بن يوسف فعزاهم وقتل منهم خلق وفتح بلادهم ثم سار إلى بلاد فندلاوة فغزاها وفتح جميع تلك الجهات ثم سار منها إلى بلاد ورغة ففتحها وذلك في سنة ثمان وخمسين وأربعمائة .
وفي سنة ستين فتح جميع بلاد غمارة وجبالها من الريف إلى طنجة .
وفي سنة اثنتين وستين أقبل إلى فاس فنزل عليها بجميع جيوشه بعد أن فرغ من جميع بلاد المغرب سوى سبتة وشدد الحصار على فاس حتى دخلها عنوة بالسيف فقتل بها من مغراوة وبني يفرن ومكناسة وغيرهم خلقا كثيرا حتى امتلأت أسواق المدينة وشوارعها بالقتلى وقتل منهم بجامع القرويين وجامع الأندلس ما يزيد على ثلاثة آلاف وفر من بقي منهم إلى أحواز تلمسان وهذا هو الفتح الثاني لمدينة فاس وكان يوم الخميس ثاني جمادى الآخرة سنة اثنتين وستين وأربعمائة وفي هذا الخبر بعض مخالفة لما قدمناه في أخبار مغراوة وذلك نقلناه عن ابن خلدون وهذا عن ابن أبي زرع ! < فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا > ! .
فلما دخل يوسف بن تاشفين مدينة فاس أمر بهدم الأسوار التي كانت فاصلة بين المدينتين عدوة القرويين وعدوة الأندلس وصيرهما مصرا واحدا وحصنهما وأمر ببنيان المساجد في شوارعها وأزقتها وأي زقاق لم يجد فيه مسجدا عاقب أهله وأمر ببناء الحمامات والفنادق والأرحاء وأصلح بناءها ورتب أسواقها وأقام بها إلى صفر من سنة ثلاث وستين وأربعمائة ثم خرج إلى بلاد ملوية ففتح حصون وطاط .
وفي سنة أربع وستين بعدها استدعى يوسف أمراء المغرب وأشياخ القبائل من زناتة وغمارة والمصامدة وسائر قبائل البربر فقدموا عليه وبايعوه