@ 17 @ ولم يحج أحد من أهل بيته قبله ولا بعده وهلك سنة ثمان وستين ومائتين لأربع وأربعين سنة من ملكه وانتقل الأمر عن بنيه إلى غيرهم من قرابته فولي أمرهم أبو غفير محمد بن معاذ بن اليسع بن صالح بن طريف فاستولى على ملك برغواطة وأخذ بدين آبائه واشتدت شوكته وعظم أمره وكانت له في البربر وقائع مشهورة وأيام مذكورة أشار إلى شيء منها سعيد بن هشام المصمودي في أبيات منها قوله .
( وهذي أمة هلكوا وضلوا % وعاروا لا سقوا ماء معينا ) .
( يقولون النبي أبو غفير % فأخزى الله أم الكاذبينا ) .
( سيعلم أهل تامسنا إذا ما % أتوا يوم القيامة مفظعينا ) .
( هنالك يونس وبنو أبيه % يقودون البرابر حائرينا ) .
واتخذ أبو غفير من الزوجات أربعا وأربعين لأنهم يبيحون في ديانتهم الخسيسة أن يتزوج الرجل من النساء ما شاء وكان له من الولد مثل ذلك أو أكثر وهلك أواخر المائة الثالثة لتسع وعشرين سنة من ملكه .
ثم ولي بعده ابنه أبو الأنصار عبد الله بن أبي غفير فاقتفى سننه وكان كبير الدعوة مهيبا عند ملوك عصره يهاودنه ويدافعونه بالمواصلة وكان يلبس الملحفة والسراويل ويلبس المخيط من الثياب ولا يعتم أحد في بلاده إلا الغرباء وكان حافظا للجار وافيا للعهد وتوفي سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة لأربع وأربعين سنة من ملكه ودفن بتاسلاخت وبها قبره .
وولي بعده ابنه أبو منصور عيسى بن أبي الأنصار وهو ابن اثنتين وعشرين سنة فسار سيرة آبائه وادعى النبوة واشتد أمره وعلا سلطانه ودانت له قبائل المغرب قال زمور بن صالح كان عسكره يناهز الثلاثة آلاف من برغواطة وعشرة آلاف من سواهم .
وقد كان لملوك العدوتين في غزو برغواطة هؤلاء وجهادهم آثار عظيمة من الأدارسة والأموية والشيعة وغيرهم .
ولما زحف بلكين بن زيري بن مناد الصنهاجي إلى المغرب زحفه