@ 10 @ وأنذرنا وأعذرنا وقد وجب علينا الآن جهادهم فاغزوهم على بركة الله فبدأ أولا بقبيلة كدالة فغزاهم في ثلاثة آلاف رجل من المرابطين فانهزموا بين يديه وقتل منهم خلقا كثيرا وأسلم الباقون إسلاما جديدا وحسنت حالهم وأدوا ما يلزمهم من كل ما فرض الله عليهم وكان ذلك في صفر سنة أربع وثلاثين وأربعمائة .
ثم سار إلى قبيلة لمتونة فنزل عليها وقاتلهم حتى أظهره الله عليهم وأذعنوا إلى الطاعة وبايعوه على إقامة الكتاب والسنة .
ثم سار إلى قبيلة مسوفة فقاتلهم حتى أذعنوا له وبايعوه على ما بايعته لمتونة وكدالة .
فلما رأى ذلك سائر صنهاجة سارعوا إلى التوبة والمبايعة وأقروا له بالسمع والطاعة فكان كل من أتاه تائبا منهم يطهره بأن يضربه مائة سوط ثم يعلمه القرآن وشرائع الإسلام وكان يأمرهم بالصلاة والزكاة وأداء العشر واتخذ لذلك بيت مال يجمع فيه ما يرفع إليه من ذلك .
ثم أخذ في اشتراء السلاح وأركاب الجيوش من ذلك المال وجعل يغزو القبائل حتى ملك جميع بلاد الصحراء وذلل قبائلها .
ثم جمع أسلاب القتلى في تلك المغازي وجعلها فيئا للمرابطين وبعث بمال دثر مما اجتمع لديه من الزكوات والأعشار والأخماس إلى طلبة العلم ببلاد المصامدة فاشتهر أمره في جميع بلاد الصحراء وما والاها من بلاد السودان وبلاد القبلة وبلاد المصامدة وسائر أقطار المغرب وأنه قام رجل بكدالة يدعو إلى الله تعالى وإلى الصراط المستقيم ويحكم بما أنزل الله وأنه متواضع زاهد في الدنيا وطار له ذكر في العالم وتمكن ناموسه من القلوب وأحبته الناس .
ثم توفي يحيى بن إبراهيم الكدالي على أثر ذلك وحكى ابن خلدون أن وفاة يحيى بن إبراهيم كانت قبل اعتزال عبد الله بن ياسين وأصحابه في الجزيرة والله أعلم