@ 193 @ والمفسدة ويستشيرهم في تسريحها وإمساكها ونص ذلك الكتاب بعد الافتتاح أحباءنا فقهاء فاس الأجلة المرضيين وعلماءها المرشدين سلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته وبعد فطالما قدمنا رجلا وأخرنا أخرى في تسريح الصاكة التي هي الأعشاب المرقدة والمفسدة ونحوها وكان تسريحها من أهم الأمور لدينا وآكد من تسريح غيرها كالأبواب لما نجده في نفسنا لها من الاستقباح ونستقذره من أمرها في الغدو والرواح مع مزيد ثقلها على فؤادنا وكونها أحرج في روعنا وكان أسلافنا قدسهم الله اجتهدوا في قطعها وحسم مادتها بكل ما أمكنهم وأفضى بهم الحال إلى إحراقها مرارا ولما رأوا تمالؤ الرعاع والسفهاء والمقلين والمعدمين عليها ارتكبوا فيها ما يحصل به التضييق على مستعمليها وتمنع منهم فلا يلحقها إلا من عنده ما يشريها به وهم في أولئك الرعاع قليل مع النظر لما يحصل لبيت المال من النفع الكثير فحيزت لجانب المخزن لتحصيل المقصدين المذكورين وحيث قذف الله في قلبنا تسريحها ورفض درن ما يحصل منها تعارض لدينا أمران وهما إبقاؤها بيد المخزن وتسريحها أما الأول فهو الذي فررنا منه وبينا علله وأما الثاني وهو التسريح فمقتضاه إغراء الرعاع والسفهاء على استعمالها ولا سيما مع انحطاط ثمنها فيتناولها القوي والضعيف فيصير ذلك ذريعة إلى إباحة ما كانوا ممنوعين منه فيتجاهرون به ولا يخشون رقيبا ويأتي منها من بر النصارى ما لا حصر له فيعشر كسائر المعشرات المباحة وتنبني على ذلك مفاسد هي أعظم من كونها محوزة وأشكل الأمر فلتبينوا المخلص من ذلك بما تقتضيه قواعد الشريعة المطهرة حتى نخرج من عهدة ذلك فإن الخطب عظيم والسلام في الثالث والعشرين من المحرم عام أربعة وثلاثمائة وألف انتهى كتاب السلطان أيده الله وأجاب عنه علماء فاس وفرهم الله بجواب طويل مرجعه إلى حرمة استعمال تلك الأعشاب والتجارة فيها حسبما عليه الجمهور من الفقهاء والصوفية رضوان الله عليهم ولما كان المقصود الأهم للسلطان أيده الله هو الإشارة بكيفية التخلص من ورطة تسريحها والحصول على السلامة مما عسى أن ينشأ عنه من المفاسد المرموز إليها في الكتاب الشريف كتب