@ 185 @ حيث صارت آلاتنا عندهم هي والحطب سواء والدليل على ذلك أنهم يبيعوننا أنواعا من الآلات الحربية نقضي العجب من جودتها وإتقانها ومع ذلك فينقل لنا عنهم أنهم لا يبيعوننا منها إلا ما انعدمت فائدته عندهم لكونهم ترقوا عنها إلى ما هو أجود منها واستنبطوا ما هو أتقن وأنفع إلا فيما قل وعلى هذا فتنبغي اليوم الفتوى بجواز بيع سلاحنا منهم فضلا عن غيره لجزمنا بأن ذلك لا يفيدهم في معنى التقوي شيئا وإن كانت هناك فائدة فهي كلا فائدة هذا إذا لم نتوقع ضررا منهم عند امتناعنا من البيع فأما إذا كنا نتوقعه منهم كما هو حالنا اليوم فيرتقي الحكم عن الجواز إلى ما هو فوقه وللضرورة أحكام تخصها فإن قلت فقد أقدمت بهذا الكلام على ما لم يقدم عليه أحد قبلك في استجازتك بيع السلاح من الحربيين قلت إنما ذكرت السلاح توطئة لما الكلام فيه حتى يؤخذ حكمه بالأحرى ثم إني ما أقدمت عليه إلا بالقاعدة الفقهية لا مجازفة كما أقدم من قبلي على إجازة بناء الكنائس بأرض المسلمين لأجل الضرورة الداعية إلى ذلك فقد أفتى علماء الأندلس في القرن الخامس بالإذن للنصارى في إحداث الكنائس بأرض العنوة وبما اختطه المسلمون من الأمصار مع أن الموجود في كتب السلف هو المنع وما ذلك إلا لأن الأحكام المرتبة على الأعراف تختلف باختلاف تلك الأعراف قال القرافي في كتاب الأحكام في الفرق بين الفتاوى والأحكام في السؤال التاسع والثلاثين ما نصه إن قلت ما الصحيح في هذه الأحكام الواقعة في مذهب مالك والشافعي وغيرهما المرتبة على العادة والعرف اللذين كانا حاصلين حالة جزم العلماء بهذه الأحكام فهل إذا تغيرت تلك العوائد وصارت تدل على ضد ما كانت تدل عليه أولا فهل تبطل هذه الفتاوى المسطورة في الكتب ونفتي بما تقتضيه هذه العوائد المتجددة أو يقال نحن مقلدون وما لنا أحداث شرع لعدم أهليتنا للاجتهاد فنفتي بما في الكتب المنقولة عن المجتهدين فالجواب إن إجراء هذه الأحكام التي مدركها العوائد مع تغير تلك العوائد خلاف الإجماع وجهالة في الدين بل كل ما هو في الشريعة يتبع العوائد يتغير الحكم فيه عند تغير العادة إلى ما تقتضيه العادة