@ 168 @ .
ولما وقف السلطان أعزه الله على هذه القصيدة هزت من عطفه وأمر أن يسأل منشئها عن مطلبه فاقترح أن يؤذن له في الإفتاء وأن يعطى ظهيرا بالتوقير والاحترام وأن ينعم عليه بما يقتضي الاعتناء به فأنعم عليه السلطان أعزه الله بالإذن في الإفتاء وبظهير الاحترام ونفذ له راتبا من أحباس جامع ابن يوسف إعانة له على الدرس به ثم كان نهوض السلطان أيده الله من مراكش قاصدا بلاد الغرب غرة جمادى الأولى سنة ست وتسعين ومائتين وألف فاجتاز في طريقه بتادلا وأناخ على قبيلة آيت أعتاب فأوقع بهم في أوعارهم وأعز معاقلهم وأوكارهم وقطع منهم واحدا وعشرين رأسا ثم زحف إلى بني موسى فأدوا الطاعة وقاموا بواجبها ثم سار محفوفا بالنصر واليمن إلى أن دنا من مكناسة الزيتون فزحف إلى بني مطير وكان شررهم قد استطار في تلك النواحي كل مطير فإنه لما سافر السلطان نصره الله عن مكناسة سنة أربع وتسعين كما مر زحف بنو مطير هؤلاء إلى عرب دخيسة وأولاد نصير الذين أنزلهم السلطان بسايس وبوأهم إياه عوض مجاط وأوقعوا بهم وقعة شنعاء وقد صبرت العرب في ذلك اليوم صبرا جميلا حتى أن جماعة منهم قد عقلوا أنفسهم في حومة الحرب لئلا يفروا وقاتل إخوانهم دونهم حتى كثرهم البربر فقبضوا عليهم باليد وضربوا أعناقهم وقتلوا منهم نحو مائتين وهلك من البربر مثل ذلك أو أكثر ولما انهزمت العرب عمد بنو مطير إلى مجاط فأنزلوهم بسائس على ما كانوا عليه قبل ثم انطلقوا في الطرقات بالعيث والإفساد فيها والنهب للمارة ولم يدخروا شيئا من الشيطنة ليوم آخر وكثرت الشكايات بهم على السلطان وهو بمراكش فلما قدم أعزه الله قدمته هذه لم يقدم شيئا على تأديبهم فنهض إلى رأس بلادهم ومزرعة فسادهم آكراي والحاجب وغيرهما وتقرى آثارهم في تلك الجهات حتى جاوزت عساكره الحاجب بمسايف كثيرة وتوغلت البربر في قنن الجبال فأمر السلطان أدام الله علاه بني مكيلد أن يزحفوا إليهم من ناحية قبلة آكراي فزحفوا وانبثوا على حدودهم إلى غابة افقفاق التي هي الحد بين بني مكيلد وآيت شغروسن وآيت يوسي فحصروهم من تلك الجهات ثم نزل بإزائهم