@ 165 @ السلطان أعزه الله عمال الأمصار وأمناءها أن يرتبوا للناس من الأقوات ما ينتعشون به ففعلوا وبعد هذا كله حدث الوباء بالحمى في أعيان الناس وأماثلهم فهلك منهم عدد كثير وفي هذه المسغبة مد النصارى أيديهم إلى الرقيق فاشتروه وكان ابتداء ذلك أنهم كانوا يعاملون ضعفاء المسلمين وصبيانهم بالصدقات والإرفاقات ثم تجاوزوا ذلك إلى شراء الرقيق منهم والأمر لله وحده يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد .
ثم دخلت سنة ست وتسعين ومائتين وألف فكان في أوائلها موت الناس بالحمى كما قلنا فمات في المحرم منها الوزير الأعظم أبو عمران موسى بن أحمد وكان شعلة ذكاء وتمثال فطنة ودهاء غفر الله لنا وله واستوزر السلطان مكانه الفقيه الأخير أبا عبد الله محمد بن العربي بن المختار بن عبد الملك الجامعي من بيت الوزارة وأهل العراقة فيها ويبلغنا عنه أنه يحب أهل الخير ويلين جانبه للضعفاء والمساكين ويحب السلطان وينصح له ويغار على جانبه المعظم وحماه المحترم ويتجافى عن الطمع الذي هو أصل كل مفسدة في الدين والدنيا سدده الله وفي ظهر يوم الأحد عاشر صفر من السنة المذكورة توفي شيخنا الفقيه العلامة القاضي سيدي أبو بكر ابن الفقيه العلامة القاضي سيدي محمد عواد كان رحمه الله من أهل المشاركة في العلم والاعتناء به كثير الدرس كثير التقييد ختمنا عليه رحمه الله عدة كتب كبار جعلها الله في ميزان حسناته منها صحيح البخاري نحو عشر مرات وصحيح مسلم ثلاث مرات وشفاء القاضي عياض مرارا وكتاب الاكتفا لأبي الربيع الكلاعي مرة وأخرى إلى غزوة خيبر وشمائل الترمذي مرتين بشرح أبي عبد الله محمد بن قاسم جسوس وإحياء الغزالي رضي الله عنه وعوارف المعارف للسهروردي وتآليف غيرها من كتب النحو والفقه والبيان والكلام وغير ذلك مما يطول ذكره وبالجملة فقد انتفعنا عليه واستفدنا منه رحمه الله ونفعنا به وولي القضاء بعده الفقيه العالم أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الجريري عرف بابن الفقيه من بيت العلم والدين والصون وهو رحمه الله يتحرى المعدلة في أحكامه وينتهج صريح الشرع في جميع أموره سدده الله وكلاه وتولى