@ 163 @ كليا بحيث ذهب نوره واختفى شخصه حتى لم ير منه شيء وبقي كذلك نحو ساعتين ثم أخذ في التجلي شيئا فشيئا إلى أن عاد إلى امتلائه وفي هذه المدة قلت فلوس النحاس بمراكش وأعمالها حتى كادت تنعدم وذلك بسبب غلاء الريال الإفرنجي بمراكش ورخصه بفاس فكان صرفه بمراكش يومئذ بثلاث وستين أوقية وصرفه بفاس بثلاث وخمسين أوقية فصار التجار يجلبون فلوس النحاس من مراكش إلى فاس ويصرفونها بالريال فيربحون في كل ريال نحو مثقال وتمالؤوا على ذلك وتوفرت دواعيهم عليه حتى قلت الفلوس بمراكش وتقاعد الناس عليها لما فيها من الربح وتعطل معاش الضعفاء بذلك ولحق الناس ضرر كثير فكان الرجل يطوف بالبسيطة والريال في الأسواق فلا يجد من يصرفه له ولا يتأتى له أن يشتري من ضروريات معاشه ما قيمته أقل من بسيطة واتصل الخبر بالسلطان أعزه الله فكتب في الآفاق يأمر الناس برد صرف الريال إلى الثلاثة مثاقيل وربع مثقال فامتثل الناس ذلك ونودي به في الأسواق فانعكس الحال على التجار وتقاعدوا على الريال والبسيطة وفاضت الفلوس في الأسواق حتى صارت معاملة الناس ليست إلا بها وحصل للتجار من الضرر في رخص الريال ما كان حصل للضعفاء في قلة الفلوس لأن التجار حينئذ صاروا يبيعون سلعهم التي بذلوا فيها الريال الغالي بالقراريط النحاسية التي صار صرف الريال فيها على النصف فأمسك الناس سلعهم وامتنعوا من بيعها وتعطلت المرافق أو كادت فكتب السلطان ثانيا برد أسعار السلع والأقوات على النصف مما كانت حتى تحصل المساواة بين الأثمان والمثمنات فنشأ بذلك هرج كبير وضرر للناس في معاشهم وأبى الله إلا أن تعود السكة إلى حالتها التي كانت عليها وقد بينا العلة في ذلك قبل هذا وأن السكك والأسعار لا تزال في الزيادة ما دامت المخالطة مع الفرنج تكثر بكثرتها وتقل بقلتها .
وفي يوم الأربعاء ثالث رمضان من السنة توفي عالم المغرب السيد المهدي بن الطالب ابن سودة الفاسي كان علامة متقنا فصيحا عارفا بصناعة الدرس حسن الإيراد فيه بحيث فاق أهل زمانه يقال إن له تآليف لكن لم