@ 146 @ وجه السلطان أيده الله ابن الشليح المذكور واليا على وجدة وأعمالها وجابيا لأموالها وناظرا في شؤونها وأحوالها فقامت قيامة ولد البشير وعلم أنه لا يصفو له عيش معه فعزم على أن يطرده عن تلك البلاد ويرده من حيث جاء وكان ولد البشير هذا حسن الطاعة للسلطان إلا أنه انفسد أمره بما ذكرناه ولما قرب ابن الشليح من أرضه خرج إليه في خيله ورجله ولما التقت مقدمة الجيش بهم انتشبت الحرب بينهم وقامت الفتنة على ساق وكان غرض ولد البشير أن يضم إليه أخا السلطان وجيشه ويقوم بخدمتهم ويطرد عنه عدوه فقط فلم يستقم له ذلك وكان رأيه هذا خطأ إذ ليست هذه بطاعة كما لا يخفى ثم انهزم الجيش وعمدت بنو يزناسن والعرب إلى المحلة فانتهبوها وعاد عبد الرحمن بن الشليح إلى السلطان أعزه الله وهو بفاس فأخبره الخبر وبإثر ذلك كتب ابن البشير إلى السلطان يتنصل من أمر ابن الشليح ومحلته وأنه لا زال على الطاعة لم يبدل ولم يغير وإنما الذي انتهب المحلة هم السفهاء من غير إذن لهم ولا موافقة على ذلك وحتى الآن فكل ما ضاع من تلك المحلة يؤديه بأكثر منه فطوى له السلطان أيده الله عليها وأرجأ أمره إلى وقت آخر وكان قد اتصل به في ذلك الوقت خبر أبي عبد الله محمد الكنتافي صاحب جبل تينملل وكان أصل هذا الرجل أنه كان من أشياخ قبيلته وكان المتولي عليهم هو قائد الجيش السوسي أبو إسحاق إبراهيم بن سعيد الجراوي وكان الكنتافي هذا أحذر من غراب وأمنع من عقاب قد اتخذ حصنا في رأس جبل تينملل حيث كان ظهور مهدي الموحدين حسبما مر في أخبارهم وتحصن به وصار يؤدي للقائد الجراوي كل ما يأمره به من غير توقف إلا أنه لا ينزل إليه فلما توفي الجراوي المذكور وولى السلطان على الجيش السوسي وما أضيف له وصيفه القائد أحمد بن مالك ضايق الكنتافي بعض الشيء وسار معه بغير سيرة الجراوي قبله فأنف الكنتافي من ذلك وأعلن أنه في طاعة السلطان ومتقلد بيعته يموت عليها ويبعث عليها ولا يقبل ولاية أحمد بن مالك ولو ألقي في النار فكتب أحمد بن مالك إلى السلطان وهو بفاس يعلمه بأن الكنتافي قد خلع الطاعة وفارق الجماعة وأشاع