@ 129 @ بما يستحقه من الإكرام وأفاض على الرعية جلائل الإنعام وشرع في تجهيز الجيوش وفتح بيوت الأموال فغمر الناس بالعطاء وكسا وأركب ونهض من مراكش يوم الاثنين رابع رمضان من السنة المذكورة قاصدا حضرة فاس والوقوف على الرعاية والنظر فيها بما يصلحها فمر على بلاد السراغنة وخرج منها إلى البروج ومنها إلى كيسر من بلاد تامسنا فاتصل به هنالك خبر فتنة أهل فاس وإيقاعهم بالأمين الحاج محمد بن المدني بنيس وكان السبب في ذلك على ما قيل أنه لما وصل خبر وفاة السلطان إلى فاس وأن الناس اجتمعوا على بيعة أمير المؤمنين المولى حسن أعزه الله واجتمع أهل فاس لعقد البيعة أيضا اشترط عامتهم لا سيما الدباغون أن يزال عنهم المكس فيقال إن بعض من أراد جمع الكلمة من العلماء والأعيان تكفل لهم بذلك عن السلطان ولما تمت البيعة أصبح الأمين بنيس غاديا على عمله من ترتيب وكلائه لقبض الوظيف في الأسواق والأبواب وغيرها فكلمه بعض أعيان فاس في التأخر عن هذا الأمر قليلا حتى تطمئن النفوس ويثبت الحق في نصابه وحينئذ يؤتى الأمر من بابه فأبى وأصر على ما هو بصدده فثار به العامة وهدموا داره وانتهبوا أثاثه واستصفوا موجوده وأرادوا قتله فاختفى ببعض الأماكن حتى سكنت الهيعة ثم تسرب إلى حرم المولى إدريس رضي الله عنه فأقام به وأمن على نفسه وكانت فتنة عظيمة يطول شرحها واتصل بالسلطان وهو بكيسر أيضا خبر فتنة أهل آزمور وقتلهم لنائب عاملهم وكان عاملهم يومئذ أبو العباس أحمد بن عمر بن أبي ستة المراكشي ونائبه هو أحمد بن المؤذن الفرجي من سكان آزمور وكان قتلهم له تاسع عشر رمضان من السنة ثم أن أهل فاس كتبوا إلى السلطان أعزه الله وهو ببلاد تامسنا رسالة بليغة يتنصلون فيها من فعلة بنيس ويرمون بها العامة والغوغاء ومن لا خلاق لهم ونصها .
الحمد لله وحده الكريم الذي لا يعجل بعقوبة من ارتكب الذنب وتعمده والصلاة والسلام على سيدنا محمد صاحب الشفاعة الكبرى والجاه العظيم المخاطب بقول مولانا في كتابه الحكيم ! < وإنك لعلى خلق عظيم > !