@ 124 @ من السنة المذكورة ثم لم يلبث ابن داود بعد ذلك إلا مدة يسيرة حتى توفي وتخلصت قائبة من قوب وعفو الله بعد ذلك مرقوب .
وفي سنة تسعين ومائتين وألف كانت جائحة النار بكثير من بلاد المغرب أحرقت الزروع والثمار وأجيحت الجنات وتراجع الناس في أثمان ما بيع منها بعد إثبات الموجبات وكانت أيام السلطان سيدي محمد رحمه الله في أولها شديدة بسبب ظهور العدو على المسلمين وما عقبه من الغلاء والموت ثم بعد ذلك اتسع الحال وحصل الأمن وانخضدت شوكة قبائل العرب بالمغرب وأمنت الطرقات من عيثهم وازدهت الدنيا ورخصت الأسعار رخصا يسيرا وكان الناس ممعشين في أيامه وغلت الدور والأملاك حتى كانت في بعض السنين لا تسمسر ومن يشتري دارا إنما يشتريها بالتنقير عنها والطلب من ربها بالثمن الجافي واتخذ الناس ذوو اليسار المراكب الفارهة والكسي الرفيعة والذخائر النفسية وتأنقوا في البنيان بالزليج والرخام والنقش البديع لا سيما بفاس ورباط الفتح ولاحت على الناس سمة الحضارة الأعجمية وكان للسلطان سيدي محمد رحمه الله في كل بلد عيون يكتبون له بما يقع من الولاة فمن دونهم فكانت الرعية كأنها في كف يده وكان يختار أولئك العيون من العوام فكانوا يكتبون له بالغث والسمين فيسمع ذلك كله فينتقي منه الصحيح ويطرح السقيم فاستقامت أحوال الرعية بذلك $ وفاة أمير المؤمنين سيدي محمد بن عبد الرحمن رحمه الله $ .
كانت وفاة أمير المؤمنين سيدي محمد بن عبد الرحمن رحمه الله في زوال يوم الخميس الثامن عشر من رجب الفرد الحرام سنة تسعين ومائتين وألف بداره بحضرة مراكش في البستان المسمى بالنيل ولم يمرض إلا يوما أو بعض يوم قيل إنه شرب دواء مسهلا فكان فيه أجله والله أعلم ودفن ليلا بضريح جده المولى علي الشريف قرب ضريح القاضي عياض وكتب على رخامة قبره أبيات ليست من جيد الشعر وهي