@ 119 @ فلهم الحظ الأوفر من العناية والخطاب بصريح الترحيب دون كناية بالقعود على الفرش الحريرية المذهبة والمقاعد العالية المطنبة والرش بمياه الأزهار ومباخر الطيب وكل معنى لطيف ومنظر عجيب وقد أحضر كل واحد ما شاء من آلات اللهو والفرح على حسب ما اشتهى واقترح فلا تكاد تسمع في تلك المجالس والمغاني إلا أصوات المثالث والمثاني وضروب الألحان والأغاني واستمر الناس في ذلك ثلاثة أيام والمولى الخليفة أعزه الله مع إخوته وبني عمه في القبة المحمدية الصويرية المشرفة على مجاري الخيل وملاعبها ومطاردها ومتاعبها وكل عشية يركب من بالحضرة من الوجوه والأكابر على عتاق الخيل والجياد الضوامر ويبدي ما عنده من الثقافة والفروسية مع إظهار الشارة المخزنية والأبهة الملوكية ثم بعد هذا شرع كبار الدولة ووجوهها ورؤساؤها وقوادها في انتخاب الصنائع والولائم كل على حسب ما أداه إليه اختياره واعتناؤه ثم تتابع الناس في مزهاتهم وإظهار أبهاتهم وانتخاب دواعي الأفراح ومقتضيات الازدهاء والانشراح فما يمر احد ببستان إلا ويجد به جماعة زاهية وطائفة منبسطة لاهية ا ه .
وفي سنة ثلاث وثمانين ومائتين وألف كان بالمغرب جراد سد الأفق وذلك في ربيع الأول الموافق لشهر مارس العجمي فأكل النجم والشجر ثم عقبه فرخه المعروف بآمرد فأكل كل خضراء على وجه الأرض واستلب الأعواد من أوراقها وقشرها من لحائها وفاض في الأمصار حتى دخل على الناس في بيوتهم .
وفي سنة أربع وثمانين ومائتين وألف كان الغلاء المفرط بالمغرب الذي لم يتقدم مثله بلغ فيه الربيع وهو ربع ثمن المد بسلا ورباط الفتح ستين أوقية وباع الناس أثاثهم وحليهم بالبخس وكان الأمر شديدا على الضعفاء وفي ذي القعدة من هذه السنة توفي القائد الأجل أبو محمد عبد الله بن عبد الملك بن بيهي الحاحي وكان من كبار قواد المغرب وأهل البذل والإيثار والمعروف له في ذلك أخبار مذكورة رحمه الله