@ 103 @ $ القول في اتخاذ الجيش وترتيبه وبعض آدابه $ .
اعلم أنه واجب على الإمام حماية بيضة الإسلام وحياطة الرعية وكف اليد العادية عنها والنصح لها والنظر فيما يصلحها ويعود عليها نفعه في الدين والدنيا ولا يمكنه ذلك إلا بجند قوي وشوكة تامة بحيث تكون يده غالبة على الكافة وقاهرة لهم فاتخاذ الجند إذا واجب وعليه فيندب له أن يتخذ لهم ديوانا يجمع أسماءهم ويحصي عددهم ليحصل الضبط وينتفي اللبس وأول من اتخذ الديوان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمر عقيل بن أبي طالب ومخزمة بن نوفل وجبير بن مطعم وكانوا من كتاب قريش فكتبوا ديوان العساكر الإسلامية على ترتيب الأنساب مبتدأ من قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فما بعدها الأقرب فالأقرب فهكذا ينبغي للإمام أن يرتب جنوده في ديوان يحفظها ودستور يجمعها ثم ينبغي أن يكون عنده أولا ديوان كبير هو الأم يجمع أسماء العساكر كلها الحاضرة والغائبة والخاصة والعامة ثم يجعل دواوين صغارا يشتمل كل واحد منها على طائفة مخصوصة مثل عسكر الإمام الذي يلازمه حضرا وسفرا وعساكر الثغور والقلاع ونحو ذلك وتكون هذه الدواوين الصغار بمنزلة الفروع للكبير تجدد كلما تجددت الطوائف كما سيأتي وكل ديوان منها يشتمل على أرحاء مثلا وكل رحى على مئين وكل مائة بضباطها وطبيبها وعالمها الذي يعلمها أمر دينها وغير ذلك .
قال صاحب مصباح الساري ما ملخصه كانت الدولة العثمانية في أول أمرها إذا استخدمت طائفة من الجند بقيت في الخدمة طول عمرها ولما كان هذا الأمر صعبا يعني وغير مقتض للتسوية بين الرعية في هذا الحق العظيم اقتضى نظرهم أن يعملوا القرعة بين أبناء الرعايا عند انتهاء كل خمس سنين فمن استكمل مدة خدمته وتبصر بما يلزمه من حرب عدوه وقدر على المطالبة والمدافعة ذهب إلى حال سبيله لطلب معيشته فذو الحرفة يرجع إلى حرفته