@ 96 @ .
قدر الحاجة وأما الأخبية فيحمل كل ثلاثة رجال خباء ولا تلحقهم كلفة في حمله لأن أخبيتهم في غاية اللطافة والصفافة وأعمدتها لطاف صلبة فهي مع كفايتها على الوجه الأتم في غاية الخفة بحيث إذا لف الخباء بما فيه كان كلا شيء ولو أراد أن يحمله واحد لفعل لكنه يقسمه ثلاثة أشخاص زيادة في الرفق ولئلا يحصل الضجر إذا طال السفر وأما المدافع فقد اتخذوا لها عجلات أفرغت إفراغا وركبت عليها على وجه محكم واتخذوا للعجلات بغالا خصية تجرها في غاية الفراهة والارتياض ويجعلون فوق تلك العجلات صناديق الإقامة من بارود ورصاص وضوبلي وغير ذلك وتجلس الطبجية على تلك الصناديق ويقوم آخرون حولهم قد أخذوا أهبتهم للقتال بكل ما يمكن ثم تندفع العساكر على هذا الترتيب صفوفا صفوفا وتتقدم شيئا فشيئا يخلف بعضها بعضا كأنها أمواج البحر تبرق الشمس على طموس رؤوسها وتلمع على عددها المصقولة وآلاتها وهو في هذه الحالة لا يفتر من رمي الكور والضوبلي والشرشم على كل جهة هكذا قتاله أبدا وإذا أدركه المساء أو وقعت محاجزة أثناء النهار وكان قصده الثبات ثبت بمحله ذلك ولا يتزحزح عنه بحال إلا إذا فني كل عسكره أو جله فبمثل هذا الضبط كان له الاستيلاء والظهور وأما مقاتلة المسلمين له فكانت غير منضبطة وإنما قاتله من قاتله منهم باختياره ومن قبل نفسه وإن كان هنالك ضبط من أمير الجيش فكلا ضبط ومتى ظهر له أن يذهب ذهب مع أن الله تعالى يقول ! < وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه > ! النور 62 لكن المقاتل من المسلمين يأتي القتال وليس معه ما يأكل ولا ما يشرب فبالضرورة إذا جاع أو عطش ذهب يبحث عما يقيم به صلبه ثم هم يقاتلون على غير صف ولا تعبية بل يتفرقون في الشعاب ومخارم الأودية وحول الأشجار فيقاتلون من ورائها وإذا دفعوا في نحر العدو دفعوا زرافات ووحدانا ثم إذا أدركهم المساء ووقعت المحاجزة ذهب كل إلى خبائه الذي تركه وراءه بمسافة بعيدة