@ 84 @ $ انتقاض الصلح مع الإصبنيول واستيلاؤه على تطاوين ورجوعه عنها والسبب في ذلك $ .
كان السبب في انتقاض الصلح مع جنس الإصبنيول أن العادة كانت جارية مع أهل سبتة من النصارى وأهل اللانجرة من المسلمين أن يتخذ كل من الفريقين محلا للحراسة على المحدة التي بينهما وكان النصارى يتخذون هنالك بيوتا صغارا من اللوح والمسلمون يتخذون أخصاصا من البردى ونحوه فلما كان آخر دولة السلطان المولى عبد الرحمن رحمه الله بنى نصارى سبتة على المحدة بيتا من حجر وطين وجعلوا فيه علامة طاغيتهم المسماة عندهم بالكرونة فتقدم إليهم أهل اللانجرة وقالوا لهم لا بد أن تهدموا هذا البيت الذي لم تجر العادة ببنائه وترجعوا إلى حالتكم الأولى من اتخاذ بيوت الخشب فامتنع النصارى من ذلك فعمد أهل اللانجرة إلى ذلك البيت فهدموه وإلى تلك الكرونة فنجسوها بالعذرة وقتلوا منهم أناسا وضيقوا على أهل سبتة بالغارات حتى كانوا يصلون إلى السور فرفع أهل سبتة أمرهم إلى كبيرهم بطنجة فكلم كبيرهم نائب السلطان بها وهو يومئذ أبو عبد الله محمد ابن الحاج عبد الله الخطيب التطاوني وشكا إليه ما نال أهل سبتة من عيث اللانجرة فدافعه الخطيب فلم يندفع وقال لا بد من حضور اثني عشر رجلا منهم بطنجة وسماهم بأسمائهم ولا بد من قتلهم جزاء على فعلهم فعظم الأمر على الخطيب وربما كلم في ذلك باشدور النجليز فقال له أحضر هؤلاء المطلوبين على عين الأجناس وإذا حضروا وظهر حق الإصبنيول فأنا ضامن أن لا يصيبهم شيء فأعجب الخطيب ذلك وعزم عليه فاتصل الخبر بأهل اللانجرة وأن الخطيب عازم على أن يكتب إلى السلطان في شأن اثني عشر رجلا منهم بأعيانهم فمشوا إلى الشريف سيدي الحاج عبد السلام بن العربي الوزاني وقالوا له إن الخطيب لا ينصح السلطان ولا المسلمين وإن كل ما قاله النصارى يساعدهم عليه حتى جسرهم علينا ونحن جئناك لتعلم السلطان بأمرنا وتسأله أن يمدنا بالقبائل المجاورة لنا ونحن نكفيه