@ 59 @ .
أمرها وقلدناه تدبيرها وعهدنا إليه أن يسعى في حقن الدماء جهد الإمكان ويحتال على إقامة أود هذا الفتان وأن يعالج داءه بكل دواء وأن لا يتبع فيه الأغراض والأهواء وأن يجعل القتال آخر عمله وعدمه غاية أمله فلما رأى عدو نفسه إحاطة الجيوش به وجه وفدا من قبله يدعي التوبة فيما مضى والكون على وفق المقتضى فأجبناهم بأن أحب الحديث إلى الله أصدقه إن صاحبكم هذا إن أراد الخير لنفسه واحتاط لدينه وعمل لرمسه يختار أحد أمرين أما أن يدخل لإيالتنا هو ومن معه آمنين على أنفسهم ومالهم لهم وما لنا وعليهم ما علينا أو يصحر فطلبوا منا الإمهال حتى يوجهوا بعضهم يخبرونه بالملاقاة ويستدركون الأمر قبل الفوات فأجبناهم إلى ذلك فما وصلوا حتى ضرب على المحلة ليلا فرده الله بالخيبة وأشوه أوبة وترك قتلاه صرعى بعد ما حمل منهم عددا وجعل يدفن منهم في قفوله ويخفي ما حل به في أفوله فتقدمت إليه المحلة الغالبة بالله وقاتلته قتالا أذاقته فيه الوبال والخبال فكانت الكرة عليه فأجفل إجفال النعام واستدبر المعركة وهام ومات من خاصته ورؤسائه وأهل شدته وذوي بأسائه عدد معتبر ومن هو أدهى وأمر وعادت جموعه جمع تكسير وجيوشه موزعة بين قتيل وأسير وسخر بهم بعد أن كانوا ساخرين وغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين ومن الله أستمد التوفيق والهداية إلى أرشد طريق والسلام في الثاني والعشرين من محرم الحرام فاتح سنة أربع وستين ومائتين وألف اه نص الكتاب الشريف وأما الحاج عبد القادر فإنه فر إلى الفرنسيس كما قلنا فبقي عنده مدة .
قال صاحب قطف الزهور ما صورته لما فر الحاج عبد القادر إلى الفرنسيس بقي عندهم ست سنين ثم أعتقه نابليون الثالث وعين له مرتبا سنويا يدفع إليه من بيت مال الدولة فسكن دمشق الشام ولم يزل قاطنا بها إلى هذا اليوم اه قلت وهو الآن في قيد الحياة حسبما يبلغنا والله تعالى يتولى أمر المسلمين ويتداركهم بلطفه وفضله آمين