@ 51 @ .
الجند وحصص القبائل في أكمل شكة وأحسن زي ولم يشهدها من الودايا سوى نفر يسير لأنهم كانوا في زاوية الإهمال عند السلطان ثم عقد رحمه الله على هذه الجنود لولده وخليفته سيدي محمد بن عبد الرحمن وسار حتى نزل بوادي إيسلي من أعمال وجدة وكان الحاج عبد القادر لا زال جائلا في تلك الناحية ومعه نحو خمسمائة فارس ممن كان قد بقي معه من أهل المغرب الأوسط لأن حاله كان قد أخذ في التراجع والانحطاط ولم تبق له هنالك كبير فائدة بل انقلب نفعه ضررا وحزمه خورا بفساد نيته واستفساده لجند السلطان ورعيته ولما احتل الخليفة سيدي محمد بإيسلي وعسكر به جاءه الحاج عبد القادر يستأذن عليه في الاجتماع به فأذن له واجتمع به وهو على فرسه فدار بينهما كلام كان من جملته أن قال الحاج عبد القادر إن هذه الفرش والأثاث والشارة التي جئتم بها حتى وضعتموها بباب جيش العدو ليس من الرأي في شيء ومهما نسيتم فلا تنسوا أن لا تلاقوا العدو إلا وأنتم متحملون منكمشون بحيث لا يبقى لكم خباء مضروب على الأرض وإلا فإن العدو مني رأى الأخبية مضروبة لم ينته دون الوصول إليها ولو أفنى عليها عساكره وبين كيف كان هو يقاتله وكان هذا الكلام منه صوابا إلا أنه لم ينجع في القوم لانفساد البواطن ولا حول ولا قوة إلا بالله وربما انتهره بعض حاشية الخليفة على التفصح بمحضره والإشارة عليه فبل استيشاره فرجع الحاج عبد القادر عوده على بدئه وانتبذ ناحية في جيشه ولسان حاله يقول لم آمر بها ولم تسؤني ولما كانت الليلة التي وقعت الحرب صبيحتها جاء رجلان من أعراب تلك الناحية وطلبوا الدخول على الحاجب وهو الفقيه السيد الطيب بن اليماني المدعو بأبي عشرين فدخلا عليه وقالا إن العدو عازم على أن يصبحكم غدا إن شاء الله فاستعدوا له وأعلموا الأمير فيقال إن الحاجب قال إن الأمير الآن نائم ولست بالذي أوقظه ثم جاء عقب ذلك أربعة أناس آخرون يعلمون بأمر العدو فكان سبيلهم سبيل الأولين ولما طلع الفجر وصلى الخليفة الصبح جاء عشرة من الخيل قيل من العرب وقيل من حرس الخليفة فأعلموا بمجيء العدو وأنهم تركوه قد أخذ