@ 47 @ .
وفي سنة ست وخمسين ومائتين وألف وذلك في سابع جمادى الأولى منها كمل بناء المنار بالمسجد الأعظم من سلا وكان المنار الذي قبله قد أصابته صاعقة تداعت لها أركانه فأمر السلطان رحمه الله بنقضه وإعادته جديدا فأعيد على هيئة متقنة أحسن مما كان وأعظم وصير عليه بواسطة أمناء مرسى العدوتين ثلاثة آلاف مثقال وأربعمائة مثقال وأربعة وعشرون مثقالا وست أواق وثلث الأوقية والريال الكبير يومئذ من سعر ست عشرة أوقية وكان جل الصائر من بيت المال وأقله من مال الحبس وكان الذي يتولى النظارة يومئذ والقيام على البناء عامل سلا الأبر الأخير السيد الحاج أحمد بن محمد بن الهاشمي عواد .
وفي سنة ثمان وخمسين ومائتين وألف توفي الفقيه العلامة المحقق البارع أبو الحسن علي بن عبد السلام التسولي المدعو مديدش صاحب الشرح الكبير على تحفة ابن عاصم في الأحكام وشرح الشامل وحاشية الزقاقية وغير ذلك من التآليف الحسان رحمه الله ونفعنا به .
وفي منتصف سنة تسع وخمسين ومائتين وألف غزا السلطان المولى عبد الرحمن رحمه الله قبيلة زمور الشلح وكانوا قد تجاوزوا الحد في الإفساد وإخافة العباد والبلاد فأوقع بهم وقعة شنعاء كسرت من حدهم وفلت من غربهم وكتب السلطان رحمه الله في ذلك إلى ولده وخليفته سيدي محمد كتابا من إنشاء وزيره أبي عبد الله بن إدريس يقول فيه ما نصه ولدنا الأرضى الأبر الأرشد سيدي محمد أصلحك الله وسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته وبعد فقد كنا أردنا الإبقاء على قبيلة زمور رحمة وإشفاقا وحملهم على الاستقامة بالإرهاب من الشدة في بعض الأمور هداية وإرفاقا فلم يرد الله بهم خيرا لفساد نيتهم وخبث طويتهم واتكالهم على حولهم وقوتهم فما رأوا منا لينا وسدادا إلا ازدادوا شدة وفسادا ولا أظهرنا لهم عظة وإرشادا إلا أظهروا تطاولا وعنادا وما أخرنا المحلة المنصورة عن الركوب إليهم إبقاء وألفا إلا ظنوا ذلك عجزا وضعفا قد طمس الإعجاب منهم بصرا وسمعا ولم يروا أن الله قد أهلك من قبلهم من القرون من هو أشد منهم قوة وأكثر جمعا