@ 25 @ .
سلا ورباط الفتح أن يخرجوا في القراصين الجهادية للتطواف بسواحل المغرب وما جاورها فخرج الرئيسان الحاج عبد الرحمن باركاش والحاج عبد الرحمن بريطل فصادفوا بعض مراكب النابريال فاستاقوها غنيمة إذ لم يجدوا معها ورقة الباصبورط المعهودة عندهم وعثروا فيها على شيء كثير من الزيت وغيرها وكان بعضها قد جيء به إلى مرسى العدوتين وبعضها إلى مرسى العرائش فهجم النابريال على مرسى العرائش بستة قراصين يوم الأربعاء الثالث من ذي القعدة سنة خمس وأربعين ومائتين وألف ورمى عليها من الكور شيئا كثيرا من الضحى إلى الاصفرار وعمد في أثناء ذلك إلى سبعة قوارب فشحنها بنحو خمسمائة من العسكر ونزلوا إلى البر من جهة الموضع المعروف بالمقصرة وتقدموا صفوفا قد انتشب بعضهم في بعض بمخاطيف من حديد لئلا يفروا ومشوا إلى مراكب السلطان التي كانت مرساة بداخل الوادي وهم يقرعون طنابيرهم ويصفرون ومراكبهم التي في البحر ترمي بالضوبلي مع امتداد الوادي لتمنع من يريد العبور إليهم فانتهوا إلى المراكب وأوقدوا فيها النار وقصدوا بذلك أخذ ثأرهم فيما انتزع منهم فلم يكن إلا كلا ولا حتى انثال عليهم المسلمون من كل جهة من أهل الساحل وغيرهم وعبر إليهم أهل العرائش وأحوازها سبحا في الوادي وعلى ظهر الفلك إلى أن خالطوهم وفتكوا فيهم فتكة بكرا وكان هنالك جملة من الحصادة يحصدون الزروع في الفدن فشهدوا الوقعة وأبلوا بلاء حسنا حتى كانوا يحتزون رؤوس النابريال بمناجلهم وقد ذكر منويل هذه الوقعة وبسطها وقال إن النابريال قتل منهم ثلاثة وأربعون سوى الأسرى وتركوا مدفعا واحدا وشيئا كثيرا من العدة وأفلت الباقي منهم إلى مراكبهم وذهبوا يلتفتون وراءهم .
واعلم أن هذه الوقعة هي التي كانت سببا في إعراض السلطان المولى عبد الرحمن عن الغزو في البحر والاعتناء بشأنه فإنه رحمه الله لما أراد إحياء هذه السنة صادف إبان قيام شوكة الفرنج ووفور عددهم وأدواتهم