@ 16 @ .
والخارجة عنها ليكون السلطان على بال من ذلك الثغر فاستأذن في ذلك بواسطة الوزير أبي عبد الله بن إدريس فكان من جواب الوزير له أن قال حسبما وقفت عليه بخطه إني أخبرت سيدنا المنصور بالله بما كتبت في شأنه فأعجبه ذلك وقال لا بأس به وليكن خفيا من غير شعور أحد ليطلع سيدنا على الأمور ويكون على بصيرة فيها فلا تقصر في ذلك واجتهد في إصلاح ما ولاك وأعظم ذلك وأهمه أمان الطريق وخمود الفتنة حتى لا يصل من تلك الناحية إلا الخير فأنت من فضل الله ذو رأي وبصيرة بالأمور وخصوصا تلك النواحي والله يوفقك ويسددك وهذه النواحي بخير وعافية وفي نعم من الله وافية قد نزل فيها المطر الغزير وكثر الخصب وحرث الناس الحرث الكثير وسيدنا بمكناسة الزيتون ولا ما يشوش البال غير أن والدته المقدسة صارت إلى عفو الله ورحمته وذلك قبل تاريخه بشهر ونحن على المحبة والسلام في الخامس والعشرين من جمادى الثانية سنة ثلاث وأربعين ومائتين وألف محمد بن إدريس لطف الله به انتهى لفظ الكتاب المذكور .
وفي هذه المدة كان السلطان رحمه الله قد استعمل الشيخ أبا زيان بن الشاوي الأحلافي على تازا وأعمالها وأوصاه بالتعاون على أمر الخدمة السلطانية بالقائد إدريس فكانا في إدارة الأمور بتلك النواحي كفرسي رهان ولكن التبريز إنما هو للقائد إدريس ولما دخل رمضان من السنة المذكورة عزم السلطان رحمه الله على المسير إلى بلاد الشرق وجدة وأعمالها للوقوف على تلك التخوم بنفسه والنظر في أمورها برأيه إذ لم يكن وطأها قبل ذلك فاستنفر القبائل لحضور عيد الفطر والنهوض إليها ولما حضر العيد وفد على السلطان جماعة من بني يزناسن وعرب آنقاد فباحثهم رحمه الله عن حال بلادهم فشكوا قلة الخصب فصده ذلك عن المسير إليهم ووعدهم بأنه سيطأ أرضهم من العام القابل في أول يناير ثم صرف رحمه الله وجهته تلك إلى التطواف على مراسي المغرب والنظر في أمورها وإحياء مراسم الجهاد بها فخرج من مكناسة منتصف شوال من السنة أعني سنة ثلاث وأربعين ومائتين وألف فمر بأرضات من أعمال وازان وصار إلى تطاوين ثم إلى طنجة ثم