@ 136 @ .
الهزيمة على الجيش أجمع فإنه أظهر الفرار وقت اللقاء حتى سرى الفشل في الناس وانهزموا ثم عطفت البرابر مع العشي على محلة السلطان فشرعوا في نهبها وأحاط عسكر العبيد بها من كل جهة وصاروا يقاتلون البربر على أطراف الأخبية ولما أقبل المساء ترك العبيد الأخبية وأرزوا إلى أفراك السلطان وصار القتال على أفراك إلى وقت العشاء فهلك من العبيد خلق كثير وصار القتال بالسيوف والرماح وما زال أصحاب السلطان يترسون عليه بأنفسهم حتى عجزوا عن الدفاع وخلص البربر إلى السلطان وأراد رجل منهم يقال إنه من بني مكيلد أن يجرده فأعلمه بأنه السلطان فاستحلفه البربري فحلف له فنزل عن فرسه وأركبه وطار به إلى خيمته وكان البربر يلقونه وهو ذاهب به فيقولون من هذا الذي معك فيقول أخي أصابته جراحة ولما وصل به إلى خيمته أعلن بأنه السلطان فأقبلت نساء الحي من كل جهة يفرحن ويضربن بالدفوف ثم جعلن يتمسحن بأطرافه تبركا به وينظرون إليه إعجابا به حتى أضجرنه ولما جاء رجال الحي أعظموا حلوله بين أظهرهم وأجلوه وسعوا فيما يرضيه ويلائمه من وطاء ومطعم ومشرب بكل ما قدروا عليه فلم يقر له قرار معهم ويقال إنه بقي عندهم ثلاثا لا يأكل ولا يشرب أسفا على ما أصابه إلا أنه كان يسد رمقه بشيء من الحليب والتمر وتنصل البربر له مما شجر بينهم وبينه وأظهروا له غاية الخضوع والاستكانة حتى أنهم كتفوا نساءهم وقدموهن إليه مستشفعين بهن على عادتهم في ذلك وبعد ثلاث أركبوه وقدموا به في جماعة من الخيل إلى قصبة آكراي فنزلوا به قريبا منها وبعث رحمه الله إلى مكناسة يعلم الجيش بمكانه فجاؤوه مسرعين ودخل مكناسة بعد أن أحسن إلى ذلك الفتى البربري وإلى جميع أهل حيه غاية الإحسان وأمر رحمه الله أن يعطى لكل من أتى سليبا من المنهزمين حائك وثلاثون أوقية ففرق من ذلك شيئا كثيرا بباب منصور العلج من مكناسة وأصيب المولى إبراهيم ابن السلطان في هذه