@ 96 @ .
الطيب يدبر أمر القبائل الجبلية وثغورها من تطاوين إلى طنجة إلى العرائش وكلما بدت له فرجة سدها أو فرصة انتهزها وحارب قبائل الفحص إلى أن استكانوا وانقادوا إلى الطاعة ثم حارب أهل حوز طنجة وآصيلا من بني يدير والأخماس من أصحاب زيطان فكانت الحرب بينهم سجالا .
ثم لما دخلت سنة تسع ومائتين وألف أمد السلطان أخاه المولى الطيب بجيش وافاه بطنجة فخرج منها ومعه عسكرها وعسكر العرائش وصمد إلى بني جرفط عش الفساد ونزل على بلادهم وقاتلهم في عقر ديارهم فقتل مقاتلتهم وأحرق مداشرهم وانتهب أموالهم ومزقهم كل ممزق فجاؤوه خاضعين تائبين فعفا عنهم ثم تقدم إلى بني حرشن من بني يدير على تفيئة ذلك ففر الثائر زيطان إلى قبيلته بالأخماس وتسللت عنه القبائل التي كانت ملتفة عليه واستنزله المولى الطيب بالأمان فظفر به وبعث به إلى السلطان فأمضى له أمانة وولاه على قبيلته وصار من جملة خدام الدولة ونصحائها إلى أن ملك زمامها وتعين غيره للقيام بأمرها فأخر ونقله السلطان إلى تطاوين فسكنها ورتب له بها ما يكفيه وبقي إلى أواخر دولة السلطان المولى سليمان ولما خرج عليه المولى إبراهيم بن يزيد ودخل تطاوين كانت لزيطان هذا في التمسك بدعوة السلطان اليد البيضاء وأغنى غناء جميلا في تثبيت تلك القبائل وتسكينها ثم وفد على السلطان بطنجة سنة ست وثلاثين ومائتين وألف وقد طعن في السن فأحسن إليه غاية الإحسان وإلى الآن لا زال أهل الأخماس يستنصرون بحفدته ويعتقدون فيهم ما تعتقده آيت ومالو في آل مهاوش والله وارث الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين .
وفي ذي الحجة من هذه السنة أعني سنة تسع ومائتين وألف توفي العلامة الإمام السيد التاودي بن سودة المري الفاسي صاحب الحاشية على البخاري والحاشية على شرح الشيخ عبد الباقي الزرقاني على المختصر وشرح العاصمية والزقاقية وغير ذلك من التآليف المفيدة وكان رحمه الله خاتمة الشيوخ بفاس ومناقبه شهيرة