@ 195 @ بكل ما قدروا عليه وسرح للتجار وسق السلع بالمرسى فأهرعت إليه المراكب من بر النصارى بأنواع سلعها وقصدها التجار بالبضائع من كل جهة يبيعون بها ويشترون وكثرت الخيرات ونمت البركات فاستركب واستلحق وعلا أمره وطار صيته في البلاد الحوزية ودخل الشياظمة وحاحة في طاعته وتباروا في خدمته فلم تمض عليه ستة أشهر حتى كان يركب في نحو الألف فلما سمع الرحامنة ما صار إليه أمر عبدة وأحمر اقتالهم من تشرفهم بولائه وتقدمهم في خدمته نفسوا ذلك عليهم وراجعوا بصائرهم فاجتمع طائفة من أعيانهم وقدموا عليه آسفي وقدموا بين يديهم هدية استرضوه بها ولما دخلوا عليه اعتذروا إليه مما فرط منهم ونسبوا ذلك إلى السفهاء وأنهم لم يأمروا بشيء من ذلك ولا رضوه وأقسموا له أن لا يبرحوا من بابه حتى يسير معهم إلى مراكش ولو أقاموا هنالك سنة وأسعفهم وسار معهم وصحبه من أعيان عبدة نحو ألف فارس وكان في موكبه من أصحابه وحاشيته نحو الخمسمائة كلهم بالخيول المسومة والشارة الحسنة والشكة التامة .
ولما انتهى إلى مراكش نزل بالقصبة وجاءه أهل مراكش بهداياهم وكذا قبائل الحوز ثم تلاهم قبائل الدير كله بهداياهم أيضا وجاء الرحامنة بأولادهم للخدمة السلطانية منافسة لعبدة وأحمر في ذلك وقفاهم في ذلك سائر أهل الحوز وقدم عليه عبيد دكالة الذين كانوا بسلا فاجتمعوا إليه وحسنت منزلتهم عنده ولما سمع بذلك عبيد مكناسة تسللوا إليه فرادى وأزواجا فاستعملهم في خدمة البناء فبنوا بيوتهم وأصلحوا شؤونهم واجتهد هذا الخليفة في بناء داره الكبرى بقصبة مراكش إلى أن أكملها وسكنها ثم شرع في بناء ماتلاشى من أسوار القصبة وركب أبوابها وأفردها عن المدينة ثم غرس بستانا عظيما متصلا بداره الكبرى على جهة الغرب سماه النيل وأسس قصرا آخرا متصلا بغربي هذا البستان سماه القصر الأخضر ويسمى أيضا المنصور وجعل لهذا البستان أربعة أبواب في زواياه الأربع كذا قيل والموجود اليوم ثلاثة أبواب فقط وجعل له بابين آخرين أحدهما للدار الكبرى شرقا والآخر للقصر الأخضر غربا وجعل في وسط هذا البستان قبة منتخبة