@ 194 @ ليس بها إلا آثار السعديين والموحدين قبلهم قد أخنى عليها الدهر وعشش بها الصدا والبوم فضرب بها مضاربه ثم شرع رحمه الله في حفر أساس داره بالفضاء البعيد عن القصور الخربة بها من داخل السور ولما رأى عرب الرحامنة ذلك اتفقوا على منعه لأنهم كانوا قد ألفوا العيث في أطراف مراكش فأحبوا أن لا تكون بها دولة تكبحهم عن ذلك فاجتمع طائفة من غوغائهم وتقدموا إلى الخليفة سيدي محمد وجبهوه بالمنع وأخرجوه عن القصبة بعد أن شرع في العمل فانتقل سيدي محمد رحمه الله عن مراكش إلى آسفي .
وأما المولى أحمد صاحب العدوتين فإنه قدم رباط الفتح ونزل بالقصبة منها وانضاف إليه عبيد القصبة واستمر خليفة بها إلى أن سمع أهل العدوتين ما عامل به الرحامنة خليفة مراكش فجرى هؤلاء على سننهم واتفقوا على طرد المولى أحمد بن عبد الله عن بلادهم فتقدموا إليه بالحرب وحاصروه بالقصبة ومعه عبيد فلان الذين كانوا فيها إدالة من عهد السلطان المولى إسماعيل وقطعوا الميرة والماء إلى أن مسهم الجهد وعضهم الحصار فطلبوا الأمان أن يخرجوا بأنفسهم فأمنوهم وخرج المولى أحمد فسار إلى أخيه سيدي محمد بآسفي فنزل عليه ثم كان آخر أمره أن توفي بفاس كما مر سنة أربع وستين ومائة وألف .
ولما خرج المولى أحمد إلى آسفي عمد أهل رباط الفتح إلى عبيد القصبة فأنزلوهم منها وفرقوهم بالمدينة حتى لا تبقى لهم شوكة ولا عصبية هذا ما كان من خلافة المولى أحمد .
وأما خلافة سيدي محمد فإنه لما خرج من مراكش قاصدا إلى آسفي اعترضته قبائل عبدة وأحمر وضيفوه ببلادهم وأهدوا إليه وتسابقوا على الخيل ولعبوا بالبارود سرورا بمقدمه وتنويها بشأنه وصحبوه إلى آسفي فدخلها ونزل بقصبتها ففرح أهل آسفي بمقدمه واغتبطوا به وكان مبارك الناصية أينما توجه ولما اطمأنت به الدار رفع إليه أهل آسفي هداياهم وتبعهم على ذلك تجار النصارى واليهود وتباروا في ذلك وتنافسوا فيه وعمر سوقه عرب عبده برجالاتهم وأعيانهم وبذلوا له أولادهم لخدمته وأوصلوه