@ 149 @ .
ثم قبض هذا السلطان على شريف من الأشراف العراقيين من أهل حومة كرنيز اتهمه بأن الحرة خناثى بنت بكار استودعته مالا فضرب وامتحن ثم ولى على فاس المولى أبا حفص عمر المدني وكان رفيقه وجليسه فاستناب المولى أبو حفص على فاس رجلا يقال له ابن زيان الأعور وتقدم إليه في مصادرة أشراف فاس واستصفاء أموالهم فامتثل ابن زيان أمره وما قصر وكان الحامل لأبي حفص على هذا أن داره بفاس كانت قد نهبت أيام المولى محمد بن عريبة ولم ينكر ذلك أحد من أهل فاس فحقدها أبو حفص عليهم إلى أن أدالته الأيام منهم في هذه المرة ففعل ابن زيان ما فعل فأمر السلطان المولى المستضيء بالقبض على ابن زيان وأن يطاف به على حمار والسياط في ظهره وهو يقول هذا جزاء من يؤذي الأشراف فطيف به ثم أزيل رأسه وعلق على باب المحروق هذا والأشراف لا زالوا في العذاب ثم أمر بمساجين أهل فاس فحملوا إليه في السلاسل والأغلال ثم قتلوا بباب القصبة عن آخرهم وأمر بإخراج ولد مامي من الحرم الإدريسي فلما وصل إليه قتله وأسرف المولى المستضيء في القتل والعسف وأراد أن يتشبه بأخيه المولى عبد الله الذي جرد السيف وبسط الكف فغطى سخاؤه عيبه وهيهات فقد كان المولى المستضيء مسيكا مهزوم الراية على ما قيل تغمدنا الله وإياه والمسلمين بالرحمة والعفو والغفران ثم قتل القائد غانما الحاجي ووالي مكناسة القائد سعدون وستة من أولاد الزياتي أصحاب السجن .
ثم إن السلطان المولى عبد الله أغرى البربر الذين كان مقيما فيهم بشن الغارات على الودايا والعيث في طرقاتهم ففعلوا وانقطعت السبل وتعذر المعاش وكان المولى زين العابدين بن إسماعيل محبوسا عند أخيه السلطان المولى المستضيء فأمر بإخراجه وإحضاره بين يديه فأحضر وضرب ضرب التلف وبعث به مقيدا إلى تافيلالت ليسجن مع بعض أشرافها فبعث العبيد جماعة منهم فانتزعوه من يد حامليه وبعثوا به إلى القائد أبي العباس أحمد الكعيدي ببني يازغة وتقدموا إليه في الاحتفاظ به والاعتناء بشأنه