@ 148 @ $ ذكر ما صدر من السلطان المولى المستضيء من العسف والاضطراب $ .
لما استقر السلطان المولى المستضيء بمكناسة كان أول ما بدأ به أن بعث بأخيه المولى محمد بن عريبة مقيدا إلى فاس ومنها إلى سجلماسة فسجن بها وبعث بقائده السيد عبد المجيد المشامري والشيخ أبي زيد عبد الرحمن الشامي يسجنان بفاس الجديد ونهبت دار المشامري وصودر إلى أن مات تحت العذاب ومثل به ثم بعث السلطان كتابه إلى أهل فاس ولكن رسم أن يقرأ بفاس الجديد ويحضر أعيان أهل فاس لاستماعه فارتابوا وتغيبوا ولم يحضر منهم الا نحو العشرين فقبض عليهم وسجنوا هنالك ثم وظف عليهم مال ثقيل لم يقوموا به .
وافتقرت الدولة في أيام هذا السلطان واحتاج إلى المال ليقطع عنه لسان العبيد فأخذ في البحث عما في المخازن الإسماعيلية التي لم يلتفت إليها الملوك قبله فوقع على خزين من الحديد فاستخرجه وباعه ووقع على الخزين الكبير وفيه آلاف من قناطير الكبريت فباعها أيضا ووجد شيئا كثيرا من ملح البارود والشب والبقام وغير ذلك مما كان يجلب إلى الحضرة من غنائم أجناس الفرنج فباع ذلك كله ثم اقتلع شراجب القبة الشطرنجية وكانت من نحاس مذهب واقتلع الدرابيز التي عن يمينها وشمالها من الحديد المنتخب من باب الرخام إلى قصر المولى يوسف ودفعها لأهل الذمة وألزمهم أداء ثمنها فأجحف بهم ثم أنزل المدافع النحاسية التي كانت بأبراج الحضرة فكسرها وضربها فلوسا فما أغنى ذلك شيئا وقتل في هذه المدة نيفا وثمانين رجلا من عرب بني حسن وسلط العذاب على مساجين أهل فاس ليغرموا المال فغرموا ما قدروا عليه ثم أمر بالقبض على تجار أهل فاس ليشتروا أصول مساجينهم فعذبوا إلى أن أدوا بعض المال وعجزوا وأفتى العلماء أن هذا البيع الواقع في هذه الأصول صحيح تقديما لخلاص الأنفس على الأموال