@ 146 @ .
معلوم أنه لا ينشأ عن كثرة الخلع والتولية إلا هذا وشبهه نسأل الله تعالى اللطف والحفظ في الأهل والدين والمال في الحال والمآل .
وقد تكلم صاحب نشر المثاني على هذه السنة أعني سنة خمسين ومائة وألف فقال وفي هذه السنة هزم جيش الثائرين على مولاي عبد الله يعني العبيد هزيمة عظيمة بعد أن صدر منهم فساد كبير وذلك على يد البربر وارتفعت الأسعار جدا وجعل اللصوص يهجمون على الناس في دورهم ليلا ويقتلونهم وهم يستغيثون فلا يغاثون وبلغ الخوف إلى أبواب الدور المتطرفة بفاس نهارا فلا يستطيع أحد أن يخرج عن باب مصمودة في العدوة ولا عن باب القصبة القديمة في الطالعة ولا عن حومة الحفارين باب عجيسة وكثر الهدم في الدور لأخذ خشبها وكثر الخراب وخلت الحارات فتجد الدرب مشتملا على عشرين دارا وأكثر وكلها خالية وفي هذه المدة قتل الفقيه العلامة أبو البقاء يعيش الشاوي بداره بالدوح وقتله كان سبب خلاء الدوح وافتضح أهل المروءة من الناس ومن يظن به الدين وكل من قدر على الفرار فر من فاس وقل من سلم منهم بعد خروجه عن البلد وخرج جماعة وافرة من أهل فاس إلى تطاوين وما والاها لجلب الميرة إذ كان الله تعالى قد سخر العدو الكافر بحمل الطعام إلى بلاد المسلمين فاشترى أهل فاس منه شيئا كثيرا لكن امتنع الجمالون من حمله لهم وماطلوهم فشكوهم لوالي تلك البلاد ورئيسها حينئذ أحمد بن علي الريفي فأظهر لهم النصح وأبطن الغش لانحرافه عن السلطان ومن يتعلق به فثبط الجمالين وهم قبيلة بداوة فازدادوا امتناعا وتعاصيا حتى بقي أهل فاس معطلين بميرتهم نحو ستة أشهر فهلك بسبب ذلك خلائق لا يحصون جوعا وكلهم في عهدة أحمد بن علي الريفي وما أغنى مال ولا متاع في طلب القوت ولولا أن الله سخر العدو الكافر بجلب الميرة للمغرب لهلك أهله جميعا فيما أظن وذلك كله من شؤم الفتن والخروج على الملوك