@ 139 @ .
فلما ارتكب مسعود هذه الفعلة اجتمع أهل فاس وأخذوا أسلحتهم وتقدموا إلى القائد مسعود ليقتلوه بصاحبهم ففر مسعود ولم يدركوه فعطفوا على السجن فكسروه وقتلوا الحرس والأعوان الذين به وسرحوا المساجين إلى حال سبيلهم ولما اتصل خبرهم بالسلطان المولى أبي الحسن غض الطرف عنهم وبعث إليهم أخاه المولى المهتدي ومعه القائد غانم الحاجي وكتب إليهم يقول إني قد عزلت عنكم مسعودا الروسي ووليت عليكم غانما الحاجي فلم يقبلوه ورجع من الغد إلى مكناسة ثم رجعوا بصائرهم بإشارة أهل المروءة منهم وبعثوا جماعة من العلماء والأشراف بهدية كبيرة مع المولى المهتدي إلى السلطان تلافيا لما فرط منهم ولما دخلوا على السلطان قبض هديتهم وعدد عليهم ذنوبهم ثم أمر بهم إلى السجن ولما انتهى الخبر إلى أهل فاس قامت قيامتهم وأغلقوا أبواب المدينة وأعلنوا بالخلاف ثم عطفوا على أصحاب مسعود الروسي وكل من كان له به اتصال فقتلوهم في كل وجه وأنشبوا الحرب مع الودايا في كل ناحية .
وفي رمضان من السنة المذكورة قدم من عند السلطان القائد أبو محمد عبد الله الحمري من قواد العبيد فاجتمع بأهل فاس واعتذر إليهم عن السلطان وطلب منهم أن يبعثوا معه جماعة منهم إلى السلطان لرتق هذا الفتق فأسعفوه وبعثوا طائفة من علمائهم وأشرافهم وأصحبوهم هدية نفيسة إلى السلطان وكتب عبد الله الحمري إلى السلطان يعتذر إليه عنهم ويشفع لهم عنده فدخلوا على السلطان وعاتبهم ثم عفا عنهم وسرح لهم إخوانهم الذين كانوا في السجن وولى عليهم عبد الله الحمري ثم لما دخلت سنة ثمان واربعين ومائة وألف عزله وولى عليهم عبد الله بن الأشقر وسكنت الهيعة واستقام الأمر بعض الشيء