@ 136 @ .
أن حان وقت المساء فبعث البربر ليلا طائفة منهم لسد الثنايا والأنقاب التي دخل منها جيش السلطان فأحكموا سدها بشجر الأرز والحجارة ولما أصبحوا هجموا على الجيش من كل ناحية وصدقوهم القتال إلى أن ردوهم على أعقابهم فلما انتهى العبيد إلى الثنايا التي دخلوا منها وألفوها مسدودة دهشوا وخشعت نفوسهم وازدحموا عليها بعد أن ترجلوا وتركوا الخيل والسلاح والأبنية فيها من الأثاث فنهب البربر جميع ذلك ثم جردوا باقي العسكر من الثياب ولم يقتلوا أحدا ورجع العبيد إلى مكناسة راجلين متجردين من المخيط والمحيط فكان ذلك من أقوى الأسباب التي بغضت السلطان المولى عبد الله للعبيد لأن ذلك كان بإشارته بزعمهم مع إسرافه في قتل رؤسائهم كما سيأتي ومع ذلك فقد أنعم عليهم بالمال والكسى ووعدهم بإخلاف جميع ما ضاع لهم ورجعوا إلى مشرع الرملة ممتعضين لتلك الفعلة $ ثورة العبيد على السلطان المولى عبد الله وفراره إلى وادي نول وما نشأ عن ذلك $ .
لما كانت سنة سبع وأربعين ومائة وألف فسد ما بين السلطان المولى عبد الله رحمه الله وبين العبيد لإسرافه في قتلهم حتى كاد يأتي على عظمائهم وكان ذلك منه جزاء لهم على قتلهم لأخيه المولى عبد الملك حسبما سبق إذ كان ما بينه وبينه صالحا كما مر فقتل منهم كل من سعى في قتله أو شارك فيه أو وافق عليه حتى بلغ عدد من قتل منهم أزيد من عشرة آلاف فأجمعوا على خلعه وقتله ودس إليه بعضهم بما عزموا عليه في شأنه ففر ليلا من مكناسة ولم يصبح إلا بحلة آيت أدراسن فأجلوا مقدمه وتباروا في إكرامه .
ولما عزم على النهوض عنهم ركبوا معه وصحبوه إلى تادلا ثم ودعوه