@ 129 @ $ حدوث النفرة بين أمير المؤمنين المولى عبد الله وأهل فاس والسبب في ذلك $ .
قد قدمنا ما كان من وسوسة حمدون الروسي للسلطان المولى عبد الله في جانب أهل فاس واعتذار بعض الفقهاء لدى السلطان عن ذلك ثم إن السلطان أمر أهل فاس ببعث طائفة منهم تكون معه على العادة فعينوا الخمسمائة التي كانت تغزو مع الملوك قبله فذهبت معه إلى مكناسة .
ولما استقر بالحضرة قدم عليه أعيان الديوان وعمال القبائل ووفود الحواضر والبوادي ففرق المال ولم يحرم أحدا سوى أهل فاس فإنه لم يعطهم شيئا ثم حضر عيد الفطر فقدمت وفود الأمصار ليشهدوا العيد مع السلطان على العادة وقدم وفد فاس لهذا الغرض وحضروا صلاة العيد مع السلطان بالمصلى ولما قدم الناس هداياهم بعد رجوع السلطان إلى منزله قدم أهل فاس هديتهم على العادة فأعطى الناس وحرمهم ثانيا .
قلت ولست أشك في أن شيطانا من شياطين الإنس كان موكلا بهذا السلطان يغريه بأهل فاس ويوغر صدره عليهم ويفسد ما بينه وبينهم وإلا فكيف تقتضي السياسة أن يعمد ملك كبير إلى أخص رعيته ولبها وصميمها فيفسد ضمائرها عليه ويزرع بغضه في قلوبها وهب أنهم أساؤوا الأدب أليس التغافل مطلوبا في مثل هذا ما أمكن لا سيما في حق السلطان وقد كان المنافقون يؤذون رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فيحلم عنهم وقال له بعض أصحابه ألا نقتلهم فقال له صلى الله عليه وسلم كيف يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه ومن الحكم المأثورة قولهم التعامي يدفع شرا كثيرا وقال الشاعر .
( ليس الغني بسيد في قومه % لكن سيد قومه المتغابي )